قال ابن عرفة: خرقها خرقا يصيبها ولا يضرها؛ ولذلك لم يغرق من أهلها أحد.
قال الزمخشري: فإن قلت: لم جعل هنا جواب الشرط فعل الخضر وهو الخرق لا قول موسى، وجعل في قتل الغلام فعل الخضر معطوف بالفاء، وجواب الشرط قول موسى؟ فأجاب بأن الخرق متراخ عن الركوب، والقتل يعقب لفاء الغلام، وتبعه أبو حيان.
قال ابن عرفة: إنما عادتهم يجيبون بأن خرق السفينة ملائم لسببه وهو الركوب؛ لأنهم فعلوا معهم أمرا ملائما فحملوهم بغير قول؛ ففعل هو معهم بسبب ذلك أمرا ملائما وهو خرق السفينة الموجب إنجائهم من الملك الذي يأخذ كل سفينة غصبا؛ فناسب جعله سببا عنه، وأما قتل الغلام فليس ملائم للفاء؛ وإنما الملائم له فعل مقدر وهو خوف أن يرهق والديه المؤمنين طغيانا وكفرا؛ فلذلك عطفه على الشرط ولم يجعله جوابا له ولا سببا عنه.
قوله تعالى: (لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا).
أي شيئا عظيما، كقول أبي [سفيان*] في حديث هرقل: [لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ، إِنَّهُ يَخَافُهُ مَلِكُ بَنِي الأَصْفَرِ*].
قوله تعالى (لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ... (٧٣)
قال ابن عطية: كانت الأولى من موسى نسيانا، والثانية شرطا، والثالثة تعمدا فكان الجمع شرطا، قال: أما كون الثانية شرطا؛ فلأن مفهوم قوله (لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ) أنه إن عاد إلى ذلك يؤاخذه فهذا شرط في الثانية.
قيل لابن عرفة: بل الشرط هو قوله: إن سألتك بعدها، فقال: إنما شرط ذلك بعد وقوع الغفلة الثانية، وأما الثالثة فتعمد؛ لأنه عزم على فراقه؛ فلذلك أنكر عليه.
قوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ... (٧٧)﴾
ولم يقل: وصلا إلى أهل قرية؛ إشارة إلى أن إتيانهم لها كان على قصد، والقرية قيل: هي الأبلة، قالوا: وهي أبعد أرض إلى السماء.
ابن عرفة: إن قلنا: إن الأرض كورية فمن هو في أعلى الكورة أقرب إلى السماء ممن هو في جوانبها، مثل: بطيخة موضوعة في قبة فصعدت نملة في أعلى البطيخة، ونملة في جوانبها، فإن التي في أعلاها أقرب إلى سقف القبة.
قوله تعالى: (اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا).