بالمحل، فإن لذة الإنسان به أشد من لذته بالمأكل والمشرب، لملازمته للمحل دون المأكل.
قوله تعالى: ﴿لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ (٣٣)﴾
بدأ بالمقطوعة؛ لأنها أعم من الممنوعة، لأن الممنوعة قد تكون موجودة ويمنعون منها، والمقطوعة ليست موجودة ألبتة، ونفي الأعم عندهم أخص من نفي الأخص، والقاعدة عند البيانيين في الترتيب البداية بالأخص، ثم بالأعم، فمقطوع أعم من ممنوع، فنقيضه لا مقطوع أخص من نقيض لا ممنوع.
قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (٣٥)﴾
التأكيد بـ (إِنَّ) إما لأن على المخاطب تحايل الإنكار، أو لأنه جواب عن سؤال، وقد ذكر ابن مالك: في وجوه التأكيد كون الكلام جوابا عن سؤال مقدر، وأنشد عليه:
بَكِّرَا صَاحِبَيَّ قَبْلَ الهَجِيرِ | إِنَّ ذاكَ النَّجَاحَ فِي التَّبْكِيرِ |
وعبر بالإنشاء لأنه خلق مبتدأ لم يسبق بشيء؛ كما [يقول*] الأصوليون، إن الإنشاء هو اللفظ الذي لَا يثبت معناه [لثبوت متعلقه*] بخلاف الخبر، فإن معناه ثابت قبل ذلك، وكذلك أيضا الإنشاء هنا مخالف للإنشاء المتقدم، لأنه تركيب غير قابل للعدم، [**والجزم بخلق الله تعالى]، لأن العقل اقتضى ذلك كما تقول المعتزلة.
وقوله تعالى: (فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (٣٦).. ، إن أريد الحور العين فجعل بمعنى خلق، وإن أريد الآدميات، فهي بمعنى [صيَّر*]، لأن البكارة فيهن مسبوقة بالثيوبة، والآدميات أفضل لامتيازهن عن الحور العين، بالطاعة في الدنيا، [ويحتمل*] كون الحور العين أفضل، كما يجوز أن ينعم الله العاصي، ويعذب الطائع، فقد يكون [المفضول*] عندنا أفضل عند الله تعالى، الزمخشري: (وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ) [نضدت حتى ارتفعت*]، ومرفوعة على [الأسِرَّة*]، وقيل: هي إلينا لأن المرأة يكني عنها بالفراش، وعلى التفسير الأول اضمر لهن، لأن ذكر الفراش، وهي المضاجع دل عليهن، الطيبي: يحتمل أن يريد إضمار لفظة (لهن)، أي أنشأنا لهن، ويحتمل أن يكون الضمير في (أنشأناهن) عائدا على النشأ لدلالة الفراش عليهن، لملازمتهن للفراش، انتهى، هذا أنسب لما قاله المفسرون.
قوله تعالى: ﴿لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ (٣٨)﴾