أخر، وانتفاء المسبب يدل على انتفاء كل سبب، فإِنما يمتنع الأول لامتناع الثاني، لأن امتناع الثاني هو السبب، فيدل انتفاؤه على انتفاء السبب الأول.
قوله تعالى: (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا).
دل امتناع الفساد على امتناع الإلهية، وبدليل جواز، قولنا: لكان حيوانا فيقتضي كونه إنسانا لانتفاء الحيوانية، ولو كان كما قاله النحويون: لما [جاز*] أن يتكلم بذلك، انتهى، ويلزمه أيضا انتفاء اللازم لانتفاء الملزوم، لأن كونه حيوانا لازم لكونه إنسانا والحال الكلام عليها في الكتابين لما يرجع إلى هذا، والمقصود إنما هو العلم لا الوجود الخارجي، فعلمنا بأن النبات لم يجعل حطاما، دليل على أن الله تعالى لم يشأ حطاما، ولو شاءه لوقع كذلك.
قوله تعالى: (فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ).
أي تعجبون وتقدمون، وتقولون (إِنَّا لَمُغْرَمُونَ (٦٦).. ، أي لملزومون [غرامة ما أنفقنا*]، وقيل: أي لمهلكون، والأول أصوب، لأن الإضراب يكون فيه الثاني أشد وأقوى من المضروب عنه، ولا أشد من الهلاك.
قوله تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ.. (٦٨)﴾
عين هنا المشروب، وقال: فيما سبق (أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ)، ولم يقل: أفرأيتم الحب الذي تحرثون؛ لأن المحروث شيء واحد، وهو الحب، والمشروب متعدد فاللبن مشروب، وكذلك العسل، قال تعالى (يَخرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ)، فإِن قلت: لم قال (أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ) بلفظ الماضي، وقال: قبله (أَأنتُمْ تَزْرَعُونَهُ) بلفظ المستقبل؟ فالجواب: أن المراد أفرأيتم ما الذي أنتم متمكنون من شربه، والتمكن من شرب الماء متأخر عن [البذر حتى تحرث]، فإن قلت: يعارض هذا التقدير بأن الزراعة أيضا [متقدمة*] على الحرث، لأن الحب المحروث كان قبل ذلك زرعا، ثم صار حبًّا، قلت: يلزم على هذا الدور التسلسل، وذلك محال، لأن الحب المحروث متأخر عن كونه زرعا، وكونه زرعا متأخر عن كونه حبا، وكونه حبا متأخر عن كونه زرعا، إلى [ما لا*] نهاية [... ]. ؛ عمله فلذلك أكد جعله الزرع حطاما باللام، ولم يؤكد جعل الماء أجاجا؛ تأكيدا لكمال قدرة الله تعالى، وأنه لَا يعجزه شيء، وأجاب الزمخشري: بوجهين آخرين: