القصاص، وأورد عليه السراج تنكيتا بأن نفي الأعم أخص من نفي الأخص، فالنفي عام في جميع صور المساواة كقولك: لَا حيوان في الدار انتهى، ويرد أيضا على الفخر بهذه الآية لإجماعنا على مساواة من أنفق من قبل الفتح، لمن أنفق بعده في حكم القصاص، فترى نفس المساواة بينهما لم يعم جميع الوجوه، قلنا: يستدل بهذا على عدم تلك الآية، فينتج مساواة الكافر للمؤمن في القصاص.
قوله تعالى: (أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً).
فإن قلت: قاعدة البيانيين في حسن الإيلاف مراعاة المشاكلة في الألفاظ، والمناسب للدرجات العلو، فيقال: درجة فلان، ومنزلته أعلى من درجة فلان، ويقال: قدر فلان أعظم من قدر فلان، فهلا قيل: هنا أولئك أعلى درجة، فالجواب: أن قوله أعظم اقتضى التفاوت بينهما في القدر وعلو الدرجات، فهو أعم فائدة.
قوله تعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ... (١١)﴾
إثباته بلفظ الاستفهام دليل على عظم هذه الفضيلة، لأن الغني بذاته إذا طلب شيئا بلفظ السؤال فهو تنبيه على عظم الثواب المعد عليه، وأنه محبوب له مرغب فيه، بحيث يسأل عمن يفعله مع علمه به، (حَسَنًا) أي لوقوعه بنية مخلصة، وذكر الفخر فيه وجوها كلها راجع إلى حسن النية، وهو مناسب لما تقدم، لأن أولئك إنما علت منزلتهم بالسبقية في الإيمان لبذلهم نفوسهم وأموالهم في نصرة دين الله، [حيثما يأمر*]؛ فدل على قوة إخلاصهم، وحسن نيتهم، وهذه الآية تذييل وتبيان لما أشعرت به الآية السابقة.
قوله تعالى: ﴿يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ... (١٢)﴾
قيل: أخر النور هنا، وقدمه في سورة التحريم؟ أجيب: بأن المقصود هناك الذوات بخلاف هذه، فإن المقصود فيها بيان شرف المؤمنين، فناسب الاعتناء بذكر الصفة وغلب الإيمان على الشمائل، والمراد أن نورهم يعم جميع جهاتهم يمينا وشمالا، أو يقال: إن بين أيديهم يعم اليمين والشمال، وعطف عليه (بإيمانهم) تشريفا لجهة اليمين بالذكر، قيل: وفي الآية رد على ابن حزم القائل: إن العاصي يأخذ كتابه بشماله، لأنه تعالى جعل مجرد [الوصف*] سببا لأخذ الكتاب باليمين. قوله تعالى: (بُشرَاكُمُ الْيَومَ جَنَّات) أي دخول جنات.
قوله تعالى: ﴿يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ... (١٣)﴾
فيها سؤالان:


الصفحة التالية
Icon