في الدار الآخرة، وذلك أمر مغيب لَا نعلمه إلا من الرسول، فمن صدقه وآمن به ينال ذلك.
قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ).
لا يمانع فيما أراده.
قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ... (٢٦)﴾
[خصصهما أشبه باحتراس*]، لأنه لما أخبر أن الجهاد لنصرة الله ورسوله نبه على أنه قوي بذاته غير محتاج للنصرة، عزيز لَا يمانع [فيما أراده*]. قوله (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ)، خصصهما بالذكر دون غيرهما، لأن نوحا عليه السلام أبو البشر بعد آدم عليه السلام عموما، فهو أب أو عم لغيره، وإبراهيم له أب أخص، فإن قلت: وإسماعيل أبوه، قلت: اختص إبراهيم بالذكر لاتفاق الملل كلها، وأهل كل ملة يؤمنون به، وكذا تسمية الأب الصالح بخلاف إسماعيل، ولأن شريعتنا موافقة لشريعة إبراهيم.
قوله تعالى: (وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ).
قالوا: (جعل) بمعنى صيَّر أو بمعنى خلق، وهذا بيِّنٌ على مذهب المعتزلة، وأما على مذهب أهل السنة، فلا يصح كونها بمعنى خلق، لأن الكتاب قديم ليس بمخلوق إلا أن يراد به الألفاظ المكتوبة، [فيصح لأنها*] حادثة، وبها يقع الإعجاز، لكن الأول أولى لما في هذا من [الإيهام*]، وأنت تعلم فيمن حلف بالقرآن.
قوله تعالى: (فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ).
هذا يعم صالح المؤمنين، وعصاتهم، لأن [العاصي*] مهتد بالإيمان، فيصدق عليه وصف الهداية مقيدة، وإذا صدق مقيدا صدق مطلقا، وهذه تسلية للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فإن آبائه الأنبياء قد جرى لهم مثل ما جرى له.
قوله تعالى: ﴿ثُمَّ قَفَّيْنَا... (٢٧)﴾
الزمخشري، وابن عطية: التقفية مجيء الشيء، كأنه قفاه، انتهى، هذا إن كان ينقلانه لغة [مسلَّم*]، وإلا فيمكن أن تكون التقفية مجيء بعد الشيء من غير فاصل بينهما، سواء جاء بقرب مجيئه، أو بعد طول، وهو المناسب للفظ (ثم) المقتضية للمهلة، لكن يترجح ما قالوه بقوله تعالى: (عَلَى آثَارِهِم)، وفيه دليل على أن أقل الجمع اثنان، لأن الضمير في [(آثَارِهِم) *] عائد على نوح وإبراهيم، فإن قلت: لعله عائد


الصفحة التالية
Icon