انتهى، هذا هو مذهب المعتزلة، بل [لو*] أظهر الدلائل كلها؛ لجاز ألا يؤمنوا، ويدوموا على كفرهم، وإنما الأشياء [عندها لَا بها*].
قوله تعالى: ﴿فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً... (١٢)﴾
الإضافة للتشريف، أي نجواكم الشرعية اللائقة بكم، وأخر الصدقة عن النجوى، وإن كانت هي المقصود، لأن المعلول متأخر عن علته، والصدقة معللة بالنجوى، وتنكير الصدقة تيسير رحمة، ولذا قال عليه السلام لعليٍّ - رضي الله عنه - ما قال، والأمر بتقديم الصدقة دليل على المراد تقليل المناجاة، لأن فعل ما ليس متوقفا على سبب للبشر من فعل ما هو متوقف على سبب، كما أن البسيط أجلى من المركب وأقرب، والمناجاة دون صدقة أهون على النفوس منها مع الصدقة، وعبر القاضي هنا: بأن عدم الصدقة [للشح*]، وهذا لَا يليق بالصحابة، بل عدم صدقتهم، إنما هو لكونهم رأوا أن إبقاء المال ليستعينوا به في الجهاد أولى من الصدقة، فيتركون المناجاة لأجل ذلك، وإن قلت: إذا كان الأمر بالصدقة إشارة إلى أن المطلوب تقليل المناجاة كما تقدم، فهلا عبر بـ (إن) دون (إذا) لدلالتها على أن ما دخلت عليه مطلوب عدمه، فالجواب من وجهين:
الأول: أن المناجاة محققة لأن الصحابة - رضي الله عنهم - لمحبتهم في النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لابد لهم من مناجاته.
الثاني: الجزاء مطلوب وجوده، وهو الصدقة، فإذا كان الجزاء مطلوبا كان الشرط كذلك.
قوله تعالى: (فَإِنْ لَم تَجِدُوا).
والمراد وجدان المطلق كما قال علي - رضي الله عنه - فيمن وجد حبة من شعير: أنه واجد بخلاف من يستحق الزكاة، لأن المطلوب فيها وصف التفرقة، فإذا وجد من يبلغه فهو واجد.
قوله تعالى: (فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
فهل معناه: إن تركتم المناجاة لفقركم؟ أو معناه إن ناجيتم بغير صدقة لفقركم، وهو الظاهر.
قوله تعالى: ﴿صَدَقَاتٍ... (١٣)﴾
فإن قلت: لم أفردت الصدقة، أولا وجمعت ثانيا؟ قلت: الأول تكليف فأفردت فيه الصدقة، إذ لو جمعت لتوهم أن المراد تقديم صدقات، لَا صدقة واحدة.
قوله تعالى: (فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ).


الصفحة التالية
Icon