الضمير هنا لمطلق الربط، كقول الزمخشري: في سورة البقرة في (وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ)، لأن الخلود في النار ليس خاصا بالمنافقين.
قوله تعالى: ﴿جَمِيعًا... (١٨)﴾
احتراس، لأنه تقرر أن الكذب فيما يبعد تواطؤ الجماعة عليه، وكذا أكد الإخبار عن كذبهم بـ (إنَّ) والبناء على المضمر، وتعريف الخبر واللام في (له) إما للتعدية، وإما للتعليل، وهو أصوب لأن لام التعدية تقتضي مباشرتهم إياه للحلف، وهو أحقر من ذلك، فإِن قلت: [الكاف*] في قوله (كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ)، [والتسوية*]، وهو مشبه به، قلت: التشبيه لَا يلزم أن يكون من كل الوجوه.
قوله تعالى: ﴿اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ... (١٩)﴾
الزمخشري: استولى عليهم، وهو مِنْ حَاذَ الْحِمَارُ الْعَانَةَ، إذا جمعها [وسَاقَهَا غالبا*] لها، وهو حمار الوحش، والعانة جماعة [الحمر*]، أبو حيان: قياسه استحاذ مثل استقام، وهي قراءة أبي عمرو، واستحوذ [شاذ*] في القياس فصح الاستعمال، انتهى، هذا مما روعي فيه أصله وفرعه، لأن [حروف العلة إذا تحركت*] وانفتح ما قبلها تقلب ألفا، وهذا أصله استحوذ، فنقلت حركة حرف العلة إلى الحاء، وروعي في الحاء حركتها الآن المنقولة إليها، وفي الواو حركتها المنقولة عنها، الطيبي: روعي فيه ما روعي [في*] استفعل بمعنى فعل، [وجود*] حرف العلة فيها متحرك، الفخر: احتج بها القاضي عبد الجبار من المعتزلة، على أن أعمال الخلق مخلوقة، من وجهين:
أحدهما: أن ذلك النيسان لو حصل بخلق الله لكانت إضافته إلى الشيطان كذبا.
والثاني: أنه لو حصل بخلق لكان هؤلاء المذكورون كالمؤمنين في أنهم حزب الله، انتهى، وجه الاحتجاج أن المعتزلة اتفقوا على أن العبد يخلق أفعاله الراجعة إلى نفسه، واختلفوا فيما يتعلق منها بغيره، فمنهم من قال: بالتولد وأنه من فعل الفاعل الأول [فما*] يتم له الاستدلال بها إلا على القول بالتولد، وفي الآية دليل على الترك [في الفعل*]، لأن النسيان ترك، وقد قال قبلها (إِنهُم سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)، فسمى الصادر [عنهم*] عملا؛ إلا أن يجاب بأنهم ذموا بأمرين سواء فعلهم وبتركهم ذكر الله، والمصدر في ذكر الله تعالى مضاف للمفعول، ويحتمل أن يكون مضافا للفاعل، والمعنى [فإنساؤهم أنساهم*] أن الله يذكرهم، وأنه ليس بغافل عنهم، ويعلم سرائرهم وخفيات أمورهم.