الشيخ وقف به فيهش إليه الشيخ ويدعوا له، بأن يقول له: أبقاك الله وتولاك، أقر الله عينك، سرني ما يسرك، جعل الله يومي قبل يومك، والنصراني يفرح لذلك، فعوتب الشيخ في ذلك، فقال: إنما هي [معاريض*] علم الله [نبأني بها*]، فأما قولي أبقاك الله وتولاك، فأريد بقاؤه لعدم الجزية، وأن يتولاه بعذابه، وقولي أقر الله عينك، فإني أريد [قرار*] حركتها بشيء [يعرض*] لها، فلا تتحرك جفونها، وقولي يسرني ما يسرك، فالقافية تسرني وتسره، وأتى لي الله يومي قبل يومك، فيوم دخول الجنة قبل يوم دخوله النار، وقول الزمخشري: نزلت فيمن يصحب السلطان، غير صحيح؛ لأن مالكا [كان*] يصحب الملوك ويجلس معهم، وذكروا في سبب نزولها أمرين:
أحدهما: يقتضي أنه ذم من واصل الكفار، وأظهر توددهم وعليه يدل أول الآية.
والآخر: يقتضي أنها في مدح من عاداهم وعليه يدل آخر الآية، ونزلت الآية على منع المودة بلفظ المفاعلة فتتمتع مودة المسلم لمن لم يقدر له شبه.
قوله تعالى: [(وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ) *] هذا من باب نفي ما يتوهم ثبوته أو من باب نفي المانع، كقولك: أكرم السائل ولو جاءك على فرس، والعطف [تدلي*] لا ترقي باعتبار رقة القلب على الأب أقوى منها على الابن، أو هو ترق باعتبار أن التعاضد بالآباء أقوى منه بالأبناء، لكثرة الأبناء وتعددهم؛ بخلاف الأب فإنه واحد، وكان القاضي أبو علي عمر بن عبد [الرفيع*] رحمه الله تعالى يقول: في الآية سؤال، كان الفقيه أبو عبد الله محمد بن علي بن يحيى ابن الفؤاد اللخمي يرده، وهو أن من حكم بحكم نفي أو إثبات ثم أخذ يذكر الموانع التي يستعيد معها وجود ذلك الحكم، فإنه يبتدئ بالأضعف منها ثم يترقى إلى ما هو أعلى منه وأبعد، أن يوجد معه الحكم ثم إلى ما هو أقوى في المنع من وجود ذلك الحكم، كقولك: أكرم السائل وإن أتاك على حمار، وإن أتاك على فرس، وإن علمت أن له دارا، ولَا شك أن رتبة الآباء أعلى من رتبة الأخوة وأشرف، بدليل الميراث ولأن ميل النفس إلى الابن أكثر، بدليل جواز شهادة الأخ لأخيه، ولا يجوز شهادة الأب لابنه، وجاءت هذه الآية على عكس هذا؛ لأنه سلك فيها مسلك التدلي، وقال: كنت أنا أجبته عن هذا السؤال، بأن الأب مفرد لا [يمكن*] فيه التعداد، والإنسان يركن إليه فبدئ به، والبنون يمكن أن يتعددوا ويكثروا