قال الجزري: ملزومية الشرط للجزاء لَا تدل على وقوعه ولا على إمكان وقوعه، ويجاب أيضا: بأن النصرة تكون في أول الأمر والتولي في آخره.
قوله تعالى: ﴿لَا يَفْقَهُونَ (١٣)﴾
عبر أولا: بالفقه، وثانيا: بالعقل، لأنهم لما أخطاوأ أولا في كيفية الاستدلال [عبر عنهم*] بعدم الفهم، وثانيا: لما ظنوا بقتالهم في [القرى*] أو من وراء الجدار أنهم لَا يغلبون، وأن ذلك العقل يهدي [عبر عنهم*] بعدم العقل، " فأحرى أن لَا يوصف بذلك كل واحد على انفراده.
قوله تعالى: ﴿ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ... (١٥)﴾
عبر بالذوق إشارة إلى أن ما نالوه من العذاب بالنسبة إلى ما بعده ذوق، فلم ينالوا عذابا في الدنيا، بل ذاقوا وسينالوه الآخرة لقوله تعالى: (وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ).
قوله تعالى: ﴿كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ... (١٦)﴾
إن قلت: لم حذف المسند إليه [هنا*] فلم يقل: مثلهم كمثل الشيطان، وصرح به في سورة البقرة في قوله تعالى: (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا) قلت: تقدم ما يدل عليه في قوله تعالى: [(كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيبًا) *].
قوله تعالى: (قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ).
قال: هو عند يأسه من رجوعه وثبوته، وذلك عند الاحتضار، وأما في الدنيا فلا يقول له ذلك خوف أن يتوب فينتفع بذلك.
قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ... (١٨)﴾
دليل على أن التقوى أخص من الإيمان، وإلا لم يفد قوله (اتَّقُوا)، لَا يقال: المراد داوموا على التقوى؛ [لأنه*] مجاز، والأصل حقيقة، فإن قلت: إنما الخلاف بين المؤمن والمتقي، لأن لفظ الاسم المقتضي بالثبوت إذا نظر بين مطلق الإيمان، ومطلق التقوى، لأن الإيمان هنا بلفظ الفعل، فلا يفيد [أعلى*] مراتبه، قلنا: المختلفان إذا زيد عليهما مساو فإنهما [لَا يزالان*] مختلفين.