قيل: هو نهي عن الأخص، فلا يستلزم النهي عن الأعم، وفيه رد على من قال: إن (كل) إن كانت بعد نهي أو [نفي*] عمت، لأنها نزلت في شخص، وذكر ابن الصفار في شرح سيبويه أن الشلوبين نقل عن ابن أبي العافية: أن (كلًّا إذا كانت منصوبة لَا تفيد العموم، وإذا كانت مرفوعة تفيده [كقوله*]:
قَدْ أصبحَتْ أمُّ الخِيارِ تَدَّعي | عليَّ ذَنْباً كلُّه لم أَصْنعِ |
إن قلت: يؤخذ منه ترجيح الفقر على الغَناء، لأن الغَناء سبب طغيان هذا؟ فالجواب: إن هذا إنما طغى بمجموع المال والبنين، وقدم هنا وفي سورة الكهف المال على البنين؛ بخلاف ما في آل عمران؟ والجواب: أن مناط الشهوة في الأعم النساء، ومناط الزينة في الغالب المال، وأما البنون فمحبتهم أشد من محبة المال، لأن الإنسان يفدي ولده بماله كله، وقدم هنا المال؛ لأنه أقوى الأسباب في الطغيان، قال السهيلي: [... ] الاتصاف إلا إلى ما هو أشرف منه وعكسه صاحب، فتقول أبو هريرة صاحب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولا تقول محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم صاحب [أبي*] هريرة، قال تعالى (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا)، وقال تعالى (وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ)، انتهى، وانظر ما قال عياض في الشفا: فإِن صَاحبكم (١)، وانظر قوله تعالى: (وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ).
قوله تعالى: ﴿عَلَى الْخُرْطُومِ (١٦)﴾
إن قلت: لم عدل الإضافة فلم يقل على خرطومه؟ قلت: لأن الإضافة فيها نوع استحقاق واختصاص، فعدل عنها لسلب هذا المعنى حتى كأنه لَا يستحق أن [يُجعَل*] له خرطوم، لعدم المبالاة به، فيصير الأنف منه أجنبيا عنه.
(١) النص في الشفاء هكذا:
"وَإِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللَّهِ". اهـ.
"وَإِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللَّهِ". اهـ.