قوله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ (١٢)﴾
ابن عرفة: السؤال على قسمين: سؤال استرشاد، وسؤال لفت واستهزاء، فالأول: يستدعي الجواب، والثاني: لَا يستدعيه وهذه الآية من الثاني، فلذلك عدل عن الجواب.
قوله تعالى: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (١٥)﴾
وجمع الجنات وأفردها في سورة التوبة، فقال تعالى (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) فالجواب: عن الأول أن آية الطور تقدمها: (إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ)، فناسب تعقيبه بنقيضه وهو النعيم، وعن الثاني أنهم باعوا أنفسهم في مرضاة الله تعالى، فأقل ما يصدق عليه جنة، وكان أبلغ في مدحهم فناسب إفرادها، وأما هنا فلما كانوا في غاية [الإتيان*] بالتكاليف ناسب الجمع.
قوله تعالى: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (١٦)﴾
هذا تعليل [آخر*]؛ أي المتقون في جنات ذات عيون لتقواهم وإحسانهم، قال ابن عرفة: وكان يمشي لنا سؤالا وهو ما السر في ذكر القبلية مع أن لفظة (كانوا) يدل عليها.
قال: والجواب: إن كان يدل على اقتران الفعل بالجملة في الماضي، وهي ظاهرة في الدوام فيحتمل عدمه، [فلما لم يقبل ذلك*] أفاد أن يكون في كون قبلية سابقة، وإنَّمَا قال: (وَبِالأَسْحَارِ... (١٨).. ولم يقل: وفي الأسحار؛ لأن الفاء تفيد أن الأسحار من وقت تحققها ظرفا للاستغفار، ولا تدل على أن الاستغفار يكون منهم قبلها بيسير، والباء تفيد الإلصاق وأفادتها [للاستغفار*] أبلغ.
قوله تعالى: ﴿وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (١٩)﴾
وقال تعالى في سأل سائل (حَقٌّ مَعْلُومٌ)، قال: والجواب أنه لما صدر في سأل سائل بذم الإنسان في كونه (إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (١٩) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا)، وأخرج منهم المسلمين بمدحهم فناسب ذلك الإطناب بذكر المعلومية أو ما تبرئه الذمة، وهنا لم يصدر بمدحهم في كل الأحوال وارتفاع درجتهم حتى كان أموالهم كلها للسائل لم يخص معلوما فكان عدم ذكره أبلغ، فقال: كذا كان يمشي لنا.
قوله تعالى: ﴿مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (٢٣)﴾


الصفحة التالية
Icon