الإيمان، فالمقلد عندكم عاص عندهم بعدم النظر، وهو من حقيقة، وقيل: [إنه*] شرط في صحة الإيمان، والآية حجة لمن يقف على تأويل الآيات والأحاديث الموهمة فنقول: يعتقد أن الوجه المحال غير مراد، لأن التأويل لَا [يحصل*] علما، وإنما ينتج النظر عن ذكرنا هذه الإضافة إما للفعل أو للمفعول.
قوله تعالى: ﴿لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا... (٣١)﴾
إن قلت: لم عدل عن المطابقة، فلم يقل: ليجزي الذي أساءوا بإساءتهم.
كما قال تعالى (وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى)، قلت: لأن العمل أعم من الإساءة، وتعليق الحكم بالعقوبة على الأعم أبلغ من تعليقه على الأخص، بخلاف الثواب؛ لأن الإساءة المطلوب نفيها، فكان ذلك من باب النفي، والإحسان المطلوب ثبوته، فصار ذلك من باب الثبوت، وإلا بلغ استعمال الأعم في النفي، والأخص في الثبوت، ويجاب أيضا: بأن السيئات مذمومة شرعا، فكره إعادتها بلفظ الخاص بها، وأعيدت باللفظ الأعم، والحسنات مندوب إليها، فاستعملت بأخص لفظها، ابن عطية: راجح لقوله (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ)، الآية، وما بينهما اعتراض. انتهى، ووجه إفادة تحقيق [المجازاة*] إنما هي ممن هو مالك لجميع الأشياء، فينتصف من الظالم للمظلوم، ولا يعجزه شيء، والذين أساءوا مخصوص بالصغائر، لأنها مغفورة باجتناب الكبائر، ومخصوص بالتوبة من الكبائر، ومخصوص بالكافر يسلم، أو نقول إنه غير مخصوص، بل يتناول هذه الأشياء عموم قوله تعالى: (وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى)، ومن مجازاتهم بالحسنى مغفرة الكفر وذنوب الكبائر بالتوبة والصغائر باجتناب الكبائر، فإن قلت: عبر عن إحسان الذين أحسنوا بالفعل الماضي، وحين فسر بقوله (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ) عبر بالمضارع، قلت: المراد بالدوام على الإحسان وتجدده وعدم انقطاعه، والإحسان من قبل المشكك أعلاه في الحديث "أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ" وأوسطه ما في الآية.
قوله تعالى: ﴿وَالْفَوَاحِشَ... (٣٢)﴾