فَصْلٌ في ذِكْرِ شَكْلِ القُرآنِ وَنَقْطِهِ
قد تقدم أن المصاحفَ العثمانيةَ كانت مجرَّدة من النَّقْطِ والشَّكْلِ، فلم يكنْ فيها إعرابٌ، وسببُ تركِ الإعرابِ فيها -واللهُ أعلمُ-: استغناؤهم عنه؛ فإنَّ القوم كانوا عَرَبًا لا يعرفون اللَّحْنَ، ولم يكن في زمنهم نَحْوٌ.
وأولُ مَنْ وضعَ النحوَ، وجعلَ الإعرابَ في المصاحف: أبو الأسودِ الدُّؤَليُّ التابعيُّ البصريُّ، حُكي أنه سمع قارئًا يقرأ: ﴿أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ﴾ [التوبة: ٣] بكسر اللام، فأعظَمهُ ذلكَ، وقال: عزَّ وجهُ اللهِ أن يبرأَ من رسوله (١). ثم جعلَ الإعرابَ في المصاحف، وكانتْ علاماتُه نقطًا بصبغٍ لونُه غيرُ لونِ المِداد، وهو الحُمْرَة؛ فكانت علامةَ الفتحةِ نقطةٌ فوق الحرف، وعلامة الضمة نقطةٌ في نفسِ الحرف، وعلامة الكسرة نقطةٌ تحت الحرف، وعلامة الغنة نقطتان.