﴿بِيَحْيَى﴾ سُمِّيَ به؛ لأنه حَيِيَ به الرحمُ العاقرُ. قرأ أبو عمرٍو، وحمزةُ، والكسائيُّ، وخلفٌ: (يَحْيى) بالإمالة حيثُ وقعَ (١).
﴿مُصَدِّقًا﴾ نصبٌ على الحال؛ أي: مؤمنًا.
﴿بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ﴾ يعني: عيسى عليه السلام؛ أي: بكلمةٍ كائنةٍ منَ الله بأنْ قالَ له: كُنْ من غيرِ أبٍ، فكانَ، فوقعَ عليه اسمُ الكلمة، وكان يحيى أولَ مَنْ آمن بعيسى وصَدَّقه، وكان أَسَنَّ من عيسى بستةِ أشهرٍ، وقيلَ: صدَّقَهُ وهو في بطن أُمِّه، فكانَتْ أُمُّ يحيى تقولُ لمريمَ: إني أجد ما في بطني يسجُد لما في بطنِك تحيةً له، وكانا ابنا الخالة كما تقدَّم، ثم قُتل يحيى قبلَ رفعِ عيسى عليهما السلام بسنةٍ ونصفٍ، وله نيفٌ وثلاثون سنةً، ونُبِّئ صغيرًا، وكان عيسى قد حَرَّمَ نكاحَ بنتِ الأخ، وكان لهرودوس وهو الحاكمُ على بني إسرائيل بنتُ أخٍ، وأرادَ أن يتزوَّجَها كما هو جائزٌ في ملة اليهود، فنهاه يحيى عن ذلك، فأمر بذبحِ يحيى، فَذُبح ووُضع رأسُه بين يديه، فكان الرأسُ يتكلَّمُ ويقول: لا تَحِلُّ لكَ، واستمرَّ غَليانُ دمِه حتى بعثَ الله عليهم مَلِكًا من جهة المشرق يُقال له: حردوس، فقتلَ منهم على دمِ يحيى سبعينَ
(١) انظر: "الغيث" للصفاقسي (ص: ١٧٦)، و"تفسير الرازي" (١/ ٤٤٧)، و"معجم القراءات القرآنية" (١/ ٨٢).