الْأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ}.
[١٢] ﴿وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا﴾ من كلِّ سبطٍ نقيبًا، والنقيبُ: الضَّمينُ والأمين، وهو الذي ينقبُ عن الأمور، ويتعرَّفُها.
رُوي أن بني إسرائيل لما فرغوا من أمرِ فرعونَ، واستقرُّوا بمصرَ، أمرَ اللهُ موسى وقومَه بالخروجِ إلى أريحا من أرضِ الشامِ، وكان يسكنُها الكنعانيون الجبارون ومنهم (١) عوجُ بنُ عنق وأصحابُه، ونسبته لأم عناقَ بنتِ آدمَ عليه الصلاة والسلام، وكان طولُه ثلاثةَ آلافٍ وثلاثَ مئةٍ وثلاثةً وثلاثينَ وثلثَ ذِراع، وكان يَحْتَجِزُ بالسحابِ، ويشربُ منه، ويتناولُ الحوتَ من قَرارِ البحرِ فيشويهِ بعينِ الشمسِ يرفعُه إليها، ثم يأكلُه، وعاشَ ثلاثةَ آلافِ سنةٍ حتى أهلكَه الله على يدِ موسى عليه الصلاة والسلام، وذلك أنه قطع صخرةً على قدرِ عسكرِ موسى ليطرحَها عليهم، وكان العسكرُ فرسخًا في فرسخ، فبعثَ اللهُ الهدهدَ، فقوَّرَ الصخرةَ بمنقاره، فوقعتْ في عنقِه، فصرعَتْهُ، فوثب موسى عليه الصلاة والسلام، وكانت وثبتُهُ عشرةَ أذرعٍ، وطولُه مثلُ ذلك، وطولُ عصاته مثلُ ذلك، ولم يلحقْ إلا عرقوبَه، فضربَهُ فقتله، وتُركَ بموضعِه، وأردمَ عليه بالصخر والرمل (٢)، فكانَ كالجبلِ العظيمِ في صحراءِ مصرَ، ولما أمرَ اللهُ بني إسرائيلَ بالخروج إلى أريحا، قال لهم: إنِّي كتبتُها لكم دارَ قرارٍ، فاخرجوا إليها، وجاهدوا
(٢) في "ظ": "بالرمل والصخر".