﴿سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٤٢)﴾.
[٤٢] ونزلَ في كعبِ بنِ الأشرفِ وفيمَنْ كانَ مثلَه يقبلُ شهادةَ الزورِ، ويحكم ويرتشي:
﴿سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ﴾ قرأ ابنُ كثيرٍ، وأبو جعفرٍ، وأبو عمرٍو، ويعقوبُ، والكسائيُّ: (السُّحُتِ) بضمِّ الحاء، والباقون: بسكونها (١)، وهو الحرامُ الذي يلزم صاحبَه العارُ، من سحَتَهَ: إذا استأصَلَهُ؛ لأنه مسحوتُ البركة، وسُمِّيَتِ الرِّشوةُ سُحْتًا؛ لسحتِها المروءةَ والدينَ، والرشوةُ في الحكمِ: إذا رشوتَهُ ليحقَّ لكَ باطِلًا، أو يبطلَ عنكَ حَقًّا.
ولا خلافَ بينَ الأئمةِ أَنَّ أخذَ الرشوةِ على إبطالِ حقٍّ أو ما لا يجوزُ سحتٌ حرامٌ، ولا ينفذُ القضاءُ بالرشوة بالاتفاق، قالَ - ﷺ -: "لَعَنَ اللهُ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتشَيَ" (٢)، وفي روايةٍ: "وَالرَّائِشَ"، وهو الماشي بينهما (٣)،

(١) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٢٤٣)، و"التيسير" للداني (ص: ٩٩)، و"تفسير البغوي" (١/ ٦٧٧)، و"إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: ١٤٢)، و"معجم القراءات القرآنية" (٢/ ٢١٠).
(٢) رواه أبو داود (٣٥٨٠)، كتاب: الأقضية، باب: في كراهية الرشوة، والترمذي (١٣٣٧)، كتاب: الأحكام، باب: ما جاء في الراشي والمرتشي في الحكم، وقال: حسن صحيح، وابن ماجه (٢٣١٣)، كتاب الأحكام، باب: التغليظ في الحيف والرشوة، عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-.
(٣) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٥/ ٢٧٩)، والطبراني في "المعجم الكبير" =


الصفحة التالية
Icon