﴿الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً﴾ وليًّا خاصًّا من المشركين، وخاصَّةُ الرجلِ وَلِيَجُتُه؛ أي: لا تتركون حتّى يتبينَ المخلصون والمجاهدون منكم. قرأ الكسائيُّ: (وَلِيَجةً) بإمالةِ الجيمِ حيثُ وقفَ على هاءِ التأنيث (١).
﴿وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ يعلمُ غرضَكم منه.
* * *
﴿مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ (١٧)﴾.
[١٧] ولما أُسر العباسُ يومَ بدرٍ، وَعَيَّرَه المسلمون بالكفرِ وقطيعةِ الرّحمِ، وأغلظَ عليٌّ له القولَ، قال العباسُ: وما لكم تذكرونَ مساوِئَنا، ولا تذكرونَ محاسِنَنا، فقال له عليٌّ: ألكمْ محاسِنُ؟ فقال: نعم، إنا نَعْمُرَ المسجدَ الحرامَ، ونحجُبُ الكعبةَ، ونسقي الحاجَّ، فنزلَ ردًّا عليه: ﴿مَا كَانَ﴾ (٢) ما جازَ ولا ينبغي.
﴿لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ﴾ قرأ أبو عمرٍو، وابنُ كثيرٍ، ويعقوبُ: (مَسْجِدَ اللهِ) على التّوحيد، والمرادُ: الكعبةُ، والباقون: (مَسَاجِدَ) على الجمع (٣)، والمرادُ: جنسُ المساجدِ، والكعبةُ داخلة فيه، المعنى: ليس
(٢) انظر: "أسباب النزول" للواحدي (ص: ١٣٦).
(٣) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٣١٣)، و"التيسير" للداني (ص: ١١٨)، و"تفسير البغوي" (٢/ ٢٥٦)، و"معجم القراءات القرآنية" (٣/ ١١).