﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (١٨٩)﴾.
[١٨٩] ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ يعني آدمَ.
﴿وَجَعَلَ﴾ أي: خلقَ.
﴿منها زَوْجَهَا﴾ حواءَ ﴿لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا﴾ ليأنسَ بها.
﴿فَلَمَّا تَغَشَّاهَا﴾ علاها بالنِّكاحِ ﴿حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا﴾ لم يثقلْ عليها، وهي النطفةُ ﴿فَمَرَّتْ بِهِ﴾ استمرَّتْ إلى وقتِ ميلاده.
﴿فَلَمَّا أَثْقَلَتْ﴾ أي: كبرَ الولدُ وأثقلَها حملُها وقاربت الوضعَ.
﴿دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا﴾ آدمُ وحواءُ.
﴿لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا﴾ بشرًا سويًّا قد صلحَ بدنُه.
﴿لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾ لكَ على هذه النعمةِ، ودلت الآيةُ على أن الحملَ مرضٌ من الأمراضِ؛ لقوله: ﴿دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا﴾ ولأجل عظمِ الأمرِ وشدةِ الخطْبِ جُعِلَ موتُها شهادةً كما وردَ في الحديث.
واختلف الأئمةُ في حكمِ الحاملِ، فقال مالك: إذا مضت لها ستةُ أشهرٍ من يومِ حملَتْ، صارتْ في حكمِ المريضِ في أفعالِه، لم ينفذ لها تصرفٌ في مالها بأكثرَ من الثلثِ، وقال الثّلاثة: إنّما يكونُ ذلكَ عندَ المخاضِ، واختارَ الخرقيُّ من أصحابِ أحمدَ: ما قاله مالكٌ.
* * *


الصفحة التالية
Icon