وقوله: ﴿لِنَعْلَمَ﴾ عبارة عن خروج ذلك الشيء إلى الوجود، وإلا فقد كان الله تعالى علم ﴿أَيُّ الْحِزْبَيْنِ﴾ الفريقين ﴿أَحْصَى﴾ أحفظ ﴿لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا﴾ المعنى: أيهم أضبطُ غاية لأوقات لبثهم.
قال ابن عطية: والظاهر من الآية أن الحزب الواحد هم الفتية، إذ ظنوا لبثهم قليلًا، والحزب الثاني هم أهل المدينة الذين بعث الفتية على عهدهم، حين كان عهدهم التاريخ بأمر الفتية، قال: وهذا قول الجمهور من المفسرين (١).
وقيل: المراد بالحزبين: المختلفين في مدة لبثهم، وذلك حين تنازع المسلمون الأولون أصحاب الملك نيدوسيس، والمسلمون الآخرون الذين أسلموا حين رأوا أصحاب الكهف في قدر مدة لبثهم في الكهف، فقال المسلمون الأولون: مكثوا ثلاث مئة سنة وتسع سنين، وقال المسلمون الآخرون: بل مكثوا كذا وكذا، وقال آخرون: الله أعلم بما لبثوا.
فلما استيقظ الفتية من نومهم، قاموا إلى الصلاة، فصلوا كالذي كانوا يفعلون، لا يرون في وجوههم ولا في أبدانهم شيئًا ينكرونه، وهم يرون أن ملكهم دقيانوس في طلبهم، فلما قضوا صلاتهم، قالوا لصاحب نفقتهم: أنبئنا ما الذي قال الناس في شأننا عشي أمس عند هذا الجبار؟ وهم يظنون أنهم رقدوا كبعض ما كانوا يرقدون، وقد يخيل إليهم أنهم قد ناموا أطول مما كانوا ينامون حتى تساءلوا بينهم، فقال بعضهم لبعض: كم لبثتم نيامًا؟ قالوا: لبثنا يومًا أو بعض يوم، ثم قالوا: ربكم أعلم بما لبثتم، وكل ذلك