﴿إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ لاجتماع الأمرين: تكذيب الحق، والانهماك في الشر؛ لأنهما لم يجتمعا في قوم إلا أهلكهم الله.
...
﴿وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (٧٨)﴾ [الأنبياء: ٧٨].
[٧٨] ﴿وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ﴾ أي: اذكرهما ﴿إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ﴾ كان زرعًا أو كرمًا ﴿إِذ نَفَشَتْ فِيهِ﴾ دخلت فيه ﴿غَنَمُ الْقَوْمِ﴾ فأكلته، والنفش: انتشار الغنم ليلًا بلا راع، وأصله الانتشار.
﴿وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ﴾ أي: عالمين، لا يخفى علينا علمه، جمع اثنين فقال: ﴿لِحُكْمِهِمْ﴾ وهو يريد داود وسليمان؛ لأن الاثنين جمع، وهو مثل قوله: ﴿فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ﴾ [النساء: ١١]، وهو يريد: أخوين، وقيل: ﴿لِحُكْمِهِمْ﴾ أي: لحكم الحاكمينِ والمتحاكمين، وأقل الجمع ثلاثة حقيقة بالاتفاق.
...
﴿فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ (٧٩)﴾ [الأنبياء: ٧٩].
[٧٩] ﴿فَفَهَّمْنَاهَا﴾ أي: الحكومة ﴿سُلَيْمَانَ﴾ وعلمناه القضية.
فيه دليل على أن الصواب كان مع سليمان؛ لأن الغنم رعت الزرع بلا راع ليلًا، فتحاكما إلى داود، فحكم لصاحب الزرع بالغنم، فقال سليمان: غير هذا أرفق بهما، وكان سنه إحدى عشرة سنة، فعزم عليه داود بالأبوة


الصفحة التالية
Icon