والنبوة ليحكمن بينهما، فدفع الغنم إلى صاحب الزرع ينتفع بدرها ونسلها وصوفها، وإلى صاحب الغنم الحرث يصلحه، فإذا عاد كحاله حين هلك، ترادا، فقال له: القضاء ما قضيت، هذا كان في شريعتهم.
وأما في شريعتنا، فما أفسدته البهائم من الزرع والشجر وغيرهما نهارًا بلا راع، فلا ضمان على ربها عند مالك والشافعي وأحمد، وما أفسدته ليلًا، ففيه الضمان عندهم إن فرط، وإلا، فلا؛ لأن في عرف الناس أن أصحاب الزرع يحفظونه بالنهار، والمواشي تسرح بالنهار، وترد بالليل إلى المراح.
وعند أبي حنيفة: لا ضمان في ذلك في ليل ولأنهار، إلا أن يكون معها سائق أو قائد، إلا أن ترسل عمدًا.
واختلفوا فيما أتلفت من الأنفس والأموال سوى الزروع والثمار، فقال مالك: لا ضمان على ربها في ليل ولا نهار، وقال الشافعي: يضمن ما أتلفت من نفس ومال إذا كان معها ليلًا أو نهارًا، فإن بالت أو راثت بطريق، فتلف به نفس أو مال، فلا ضمان عليه، وقال أبو حنيفة وأحمد: إذا كانت يزيد راكب أو سائق أو قائد، فيضمن ما جنت يدها أو فمها، أو وطؤها برجلها، وقيد أحمد بما [إذا كان قادرًا على التصرف فيها، ولا يضمن عندهما ما نفحت برجلها، وقيد أحمد] (١) بما إذا لم يكبحها؛ أي: يجد بها زيادة على المعتاد، أو يضربها على وجهها، ولا يضمن عندهما ما جنت بذنبها، والله أعلم.