مصروفًا عن الحق؛ من قولهم: أفكَ الشيءَ: إذا قلبه عن وجهه، وذلك أن عائشة -رضي الله عنها- كانت تستحق الثناء بما كانت عليه من الحصانة والشرف، فمن رماها بالسوء، قلب الأمر عن وجهه.
وروي أن هذا النظر السديد وقع من أبي أيوب الأنصاري وامرأته، وذلك أنه دخل عليها فقالت: "يا أبا أيوب! أسمعت ما قيل؟! فقال: نعم، وذلك كذب، أكنتِ أنتِ يا أم أيوب تفعلين ذلك؟! قالت: لا والله، قال: فعائشة واللهِ أفضلُ منك، قالت أم أيوب: نعم" (١)، فهذا الفعل ونحوه هو الذي عاتب الله المؤمنين؛ إذ لم يفعله جميعهم. قرأ أبو عمرو، وهشام، والكسائي، وخلف (٢): (إِذ سَّمِعْتُمُوهُ) بإدغام الذال في السين، والباقون: بالإظهار (٣).
...
﴿لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ (١٣)﴾.
[١٣] ثم بين الحكم في القذف فقال: ﴿لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ﴾ أي: على ما زعموا ﴿فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ﴾ على القذف.

(١) رواه إسحاق بن راهويه في "مسنده" (١٦٩٨)، والطبراني في "تفسيره" (١٨/ ٩٦)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٨/ ٢٥٤٦)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (١٦/ ٤٨).
(٢) في "ت": "خلاد".
(٣) انظر: "الغيث" للصفاقسي (ص: ٣٠٢)، و"معجم القراءات القرآنية" (٤/ ٢٣٩).


الصفحة التالية
Icon