﴿فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (٢٢)﴾.
[٢٢] وكان سبب غيبة الهدهد: أن سليمان -عليه السلام- لما فرغ من عمارة بيت المقدس، خرج للحج، فأقام في الحرم مدة طويلة، يقرب كلَّ يوم خمسة آلاف ناقة، وخمسة آلاف بقرة، وعشرين ألف شاة، وقال لمن حضره من أشراف قومه: إن هذا مكان يخرج منه نبي عربي، صفته كذا وكذا (١)، يعطى النصر على جميع من ناوأه، وتبلغ هيبته مسيرة شهر، القريب والبعيد عنده في الحق سواء، لا تأخذه في الله لومة لائم، يدين بدين الحنيفية، طوبى لمن أدركه وآمن به، ثم خرج من مكة يطلب صنعاء اليمن، فرأى مكانًا أعجبه، فنزل ليتغدى ويصلي الظهر، وكان الهدهد دليل الماء كما تقدم، واسمه يعفور، فقصد أن يرتفع لينظر في طول السماء وعرضها، فارتفع فرأى بستانًا لبلقيس، فمال إلى خضرته، فإذا بهدهد اسمه عنفير، فقال عنفير اليمن ليعفور سليمان: من أين أقبلت؟ قال: من الشام مع صاحبي سليمان ملك الجن والإنس والشياطين والطير والوحوش والرياح، فمن أين أنت؟ قال: من هذه البلاد، وملكتها بلقيس، وما أظن ملك سليمان بأعظم من ملكها، فهل أنت منطلق معي تنظر ملكها؟ فقال: أخاف أن يفقدني سليمان وقت الصلاة إذا احتاج إلى الماء، فقال: إن صاحبك يسره أن تأتيه بخبر هذه الملكة، فانطلق معه، ونظر ملكها.
﴿فَمَكَثَ﴾ وقتًا ﴿غَيْرَ بَعِيدٍ﴾ ثم جاء. قرأ عاصم، وروح عن يعقوب:

(١) "وكذا" ساقطة من "ت".


الصفحة التالية
Icon