ووقع من معجزاته - ﷺ - آية الماء في بئر الحديبية؛ حيث وضع فيه سهمه، وثاب الماء حتّى كفى الجيش.
وتأهبت قريش للقتال، وبعثوا رسولهم إلى النّبيّ - ﷺ -، فبعث إليهم عثمان بن عفان -رضي الله عنه- يعلمهم أنّه لم يأت لحرب، وإنّما جاء زائرًا ومعظمًا لهذا البيت، فلما وصل إليهم، أمسكوه وحبسوه، وبلغ رسول الله - ﷺ - أن عثمان قتل، فدعا النَّاس إلى البيعة، فكانت بيعة الرضوان تحت الشجرة، فبايع النَّاس على الصبر المتناهي في قتال العدو إلى أقصى الجهد، حتّى قال سلمة بن الأكوع وغيره: "بايعنا رسول الله - ﷺ - على الموت" (١)، ثمّ أتاه الخبر أن عثمان لم يقتل، ثمّ وقع الصلح بين رسول الله - ﷺ - وبين قريش؛ فإنهم بعثوا سهيل بن عمرو في الصلح، فأجاب النّبيّ - ﷺ -، ثمّ دعا علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- فقال: "اكتب: بسم الله الرّحمن الرحيم، فقال سهيل: لا أعرف هذا، ولكن اكتب: باسمك اللَّهُمَّ، فقال رسول الله - ﷺ -: اكتب: باسمك اللَّهُمَّ، ثمّ قال: اكتب هذا ما صالح عليه محمّد رسول الله - ﷺ -، فقال سهيل: لو شهدت أنك رسول الله لم أقاتلك، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك، فقال لعلي: امح رسول الله، قال: لا والله لا أمحوك أبدًا، قال: فأرنيه، فأراه إياه (٢)، فمحاه النّبيّ - ﷺ -، ثمّ قال: اكتب هذا ما صالح عليه محمّد بن عبد الله سهيل بن عمرو على وضع الحرب عن النَّاس عشر سنين، وأنّه من أحب أن يدخل في عقد محمّد وعهده دخل فيه، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش

(١) رواه البخاريّ (٦٧٨٠)، كتاب: الأحكام، باب: كيف يبايع الإمام النَّاس، ومسلم (١٨٦٠)، كتاب: الإمارة، باب: استحباب مبايعة الإمام الجيش عند إرادة القتال.
(٢) "إياه" زيادة من "ت".


الصفحة التالية
Icon