وعهدهم دخل فيه"، وأشهدوا في الكتاب على الصلح رجالًا من المسلمين والمشركين، ثمّ نحر رسول الله - ﷺ - هديه، وحلق رأسه، وفعل النَّاس كذلك (١)، ثمّ عاد إلى المدينة، حتّى إذا كان بين مكّة والمدينة، نزلت سورة الفتح.
ودخل في (٢) هذه السُّنَّة في الإسلام مثل من دخل فيه قبل ذلك وأكثر، فكان هذا الفتح الأعظم، وذلك أن المشركين اختلطوا بالمسلمين، فسمعوا كلامهم، فتمكن الإسلام في قلوبهم، وأسلم في ثلاث سنين خلق كثير، وكثر بهم سواد الإسلام، واستقبل فتح خيبر، وامتلأت أيدي المسلمين خيرًا، واتفقت في ذلك الوقت (٣) ملحمة عظيمة بين الروم وفارس، ظهرت فيها الروم، فكانت من جملة الفتح على رسول الله - ﷺ -، وسر بها والمؤمنون؛ لظهور أهل الكتاب على المجوس، وانحصاد الشوكة العظمى من الكفرة، والفتح: الظفر بالبلد عنوة أو صلحًا.
﴿فَتْحًا مُبِينًا﴾ أي: قضينا لك قضاء بيِّنًا.
* * *
﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (٢)﴾.
[٢] ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ﴾ هى لام (كي)؛ لكنها تخالفها في المعنى. قرأ

(١) رواه مطولًا البخاري (٢٥٨١)، كتاب: الشروط، باب: الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب، من حديث المسْوَر بن مخرمة، ومسلم (١٧٨٤)، كتاب: الجهاد، باب: صلح الحديبية في الحديبية، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
(٢) "في" ساقطة من "ت".
(٣) "الوقت" زيادة من "ت".


الصفحة التالية
Icon