على ابنته أم حبيبة أم المؤمنين زوجِ رسول الله - ﷺ -، فلما ذهب ليجلس على فراش رسول الله - ﷺ -، طَوَتْه عنه، فقال: ما أدري أرغبتِ بي عن هذا الفراش، أم رغبتِ به عني؟ قالت: بل هو فِراشُ رسول الله - ﷺ -، وأنت رجل مشرك نجس، قال: والله لقد أصابك بعدي يا بنية شر.
ثمّ خرج وأتى النبيَّ - ﷺ -، فكلمه، فلم يردَّ عليه شيئًا، فذهب إلى أبي بكر، ثمّ إلى عمر، ثمّ إلى علي -رضي الله عنهم- على أن يكلموا النّبي - ﷺ - في أمره، وتشفَّع بهم، فلم يفعلوا، فقال لعلي: يا أبا الحسن! إنِّي أرى الأمور قد اشتدت علي، فانصحني، قال: والله لا أعلم شيئًا يغني عنك، ولكنك سيد بني كنانة، فقم فأجر بين النَّاس، والحقْ بأرضك، قال: أو ترى ذلك يغني عني شيئًا؟ قال: لا والله ما أظن، ولكن لا أجد لك غير ذلك، فقام أبو سفيان في المسجد فقال: أيها النَّاس! إنِّي قد أجرتُ بين النَّاس، ثمّ ركب بعيره وانطلق.
فلما قدم على قريش، قالوا: ما وراءك؟ فقص شأنه، وأنّه قد (١) أجار بين النَّاس، قالوا: فهل أجاز محمّد ذلك؟ قال: لا، قالوا: والله إنَّ زاد الرَّجل على أن لعب بك.
ثمّ أمر رسولُ الله - ﷺ - بالجهاد، وأمر أهله أن يجهزوه، ثمّ أعلم النَّاس أنّه يريد مكّة، وقال: "اللَّهُمَّ خُذِ العيونَ والأخبارَ عن قريش حتّى نَبْغَتَهم في بلادهم"، ثمّ مضى رسول الله - ﷺ - لسفره، واستخلف على المدينة كلثوم بن الحصين الغفاري، فخرج لعشرة مضين من شهر رمضان، ومعه المهاجرون والأنصار، وطوائف من العرب، فكان جيشه عشرة آلاف، فصام وصام

(١) "قد" زيادة من "ت".


الصفحة التالية
Icon