بسم الله الرحمن الرحيم
مع أساليب القرآنمحاضرة ألقيت في الرياض في ٢٥ من المحرم سنة ١٣٩٩: ٢٥ من ديسمبر سنة ١٩٧٨:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وخاتم النبيين سيدنا محمد وعلى آله وصحابته والتابعين.
رب اشرح لي صدري، ويسر لي أمري، واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي. وبعد:
فمن خصائص النسج المحكم الدقيق الصنع أن يحتمل ما لا يحتمل غيره لهذا فخر الأعرابي بإحكام، نسج عبادته، وقوة احتمالها في قوله:
حوكت على نيرين إذ تحاك... تختبط الشوك ولا تشاك
والقرآن الكريم أحكم نسجه، وأتقن صنعه خالق الخلق وباري النسم، فلا عجب في أن نرى نظمه لا يهتز ولا يضطرب، وإن وقع فيه ما يجعل كلام البشر مضطربا متنافرًا وأضرب، لذلك مثلاً:
مثل علماء البلاغة لتنافر الكلمات بقول الشاعر:
وقبر حرب بمكان قفر... وليس قرب قبر حرب قبر
التنافر في قوله: (وليس قرب قبر حرب قبر).
والذي جعله ثقيلا متنافرًا ما فيه من التكرير: ثلاث قافات، وأربعا باءات، وأربع راءات. لقد وقع في القرآن تكرير «أكثر مما وقع في البيت، ولم يضطرب نظمه، ولم تتنافر كلماته».
تكررت الميم ثماني مرات متواليات متتابعات في جزء من الجملة في قوله تعالى: ﴿يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك﴾ [١١: ٨].