الموضوع، وأن القرآن ليس مستمدا من روايات الكتب السابقة كما يزعم الزاعمون؛ لأن ما يسمى بالتوراة- الحالية- تذكر غرق فرعون دون أن تذكر نجاة جثته. فبدلا من أن يرى فيما ذكره القرآن دليلا على الوحي وعلى أن القرآن وحي إلهي، تكون المسألة أن يشكك في كل الوحي الإلهي، بسبب أن ما يسمى بالتوراة حاليا- وهي محرفة كما سنرى بالدليل- عارضت مكتشفات أثرية.
والحفريات التي تمت في العراق أوصلت إلى ملحمة جلجاميش التي تحدثت عن نوح عليه السلام وعن الطوفان، وأوصلتنا هي وغيرها إلى أن الطوفان كان مشهورا معروفا، وأن قصة نوح عليه السلام كانت معلومة معروفة، ثم تذكر هذه الحفريات كما يقول أنطون مورتكات في تاريخ الشرق الأدنى القديم الذي عربه توفيق سليمان وآخران:
(لقد صنفت المصادر المحلية التي ترجع إلى ما بعد الطوفان سلالة كيش الأولى في ثلاثة وعشرين ملكا بلغ مجموع حكمهم (٢٤) ألف سنة. ثم تتبعها سلالة أوروك الأولى باثني عشر ملكا وصل مجموع حكمهم مدة زادت عن ألفي سنة).
هذا ما أوصلت إليه الحفريات وفيه دليل على أن الناس في الماضي كانوا يعمرون فعند ما يحكم ثلاثة وعشرون ملكا أربعة وعشرين ألف سنة فذلك دليل على أن ما ذكره القرآن من رقم (٩٥٠) سنة في حق نوح عليه السلام تسنده الحفريات، وأن الإنسان في الماضي كان يعمر أكثر من إنساننا الحالي، ولكن هذه القضية نفسها تعرض
على أنها مستبعدة أصلا فما أوصلت إليه الحفريات مرفوض إذا! ولماذا الحفريات إذا! إن هذا يؤكد أن الإنسان الحالي في الغالب عنده أحكام مسبقة يحاول أن يفسر الأشياء بها لا أن يصل إلى الحق. ويذكر الدكتور حسن زينو المتخصص في الجيولوجيا في كتابه (التطور والإنسان) كيف أن الحفريات أوصلت إلى اكتشاف الإنسان العملاق، وكيف أن الحفريات أعطتنا جثة إنسان أضخم من إنساننا الحالي بست مرات وهذا يؤيد النصوص التي تذكر أن الخلق لم يزل يتناقص منذ خلق آدم كما سنرى، ولكن بدلا من أن يكون مثل هذا الاكتشاف يخدم قضية الإيمان فإنه يصاغ صياغة تخدم قضية الكفر. وقل ذلك في أمور كثيرة.