عند ربهم؟ قالوا: فالنبيون، قال: وما لهم لا يؤمنون والوحي ينزل عليهم؟ قالوا:
فنحن، قال: وما لكم لا تؤمنون وأنا بين أظهركم؟ قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا إن أعجب الخلق إلي إيمانا، لقوم يكونون من بعدكم يجدون صحفا فيها كتاب يؤمنون بما فيها». قال ابن كثير: قال الحاكم: صحيح الإسناد دلت هذه النصوص على فضل إيمان من جاء بعد الصحابة من المسلمين، ولا يعني ذلك أن من جاء بعد الصحابة أفضل منهم بل من جاء بعدهم أعظم أجرا من هذه الحيثية لا مطلقا.
(ج) أخرج ابن أبي حاتم بسنده عن عبد الله بن عمرو عن النبي ﷺ قيل له: يا رسول الله: إنا نقرأ من القرآن فنرجو ونقرأ من القرآن فنكاد أن نيأس أو كما قال.
قال: أفلا أخبركم عن أهل الجنة وأهل النار؟ قالوا: بلى يا رسول الله... قال: الم ذلِكَ الْكِتابُ إلى قوله تعالى الْمُفْلِحُونَ هؤلاء أهل الجنة، قالوا: إنا نرجو أن نكون هؤلاء. ثم قال: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ... وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ هؤلاء أهل النار. قالوا: لسنا هم يا رسول الله.. قال: أجل.
(د) فهم بعضهم أن الفقرة الأولى من مقدمة سورة البقرة ذكرت صنفين من أهل الإيمان، الأول: هم الذين آمنوا بالقرآن دون أن يكونوا على دين سماوي سابق، وهؤلاء هم الذين ذكروا في قوله تعالى: الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ.
والثاني: هم الذين كانوا على دين سماوي سابق ثم آمنوا بالقرآن وهم الذين ذكروا في قوله تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ
يُوقِنُونَ
ونحن في التفسير الحرفي لم نعتمد هذا الاتجاه، بل اعتبرنا أن المتكلم عنهم في الفقرة صنف واحد، فالناس كلهم مطالبون بالإيمان بالغيب والإيمان بالوحي كله وباليوم الآخر، وقد ذكرنا حكمة التفصيل بذكر الإيمان بالوحي كله وباليوم الآخر مع أنهما داخلان في الإيمان بالغيب؛ نعم قد يكون من حكمة ذكر قوله تعالى وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ البيان لأهل الكتاب ولأصناف من الناس قد لا يعتبرون الإيمان بالآخرة ضروريا، قد يكون من جملة الحكم في التفصيل البيان لهؤلاء جميعا أن التقوى لا بد فيها من إيمان بالوحي كله وباليوم الآخر هذا مع الإيمان بالغيب وإقامة الصلاة والإنفاق والاهتداء بكتاب الله.