فصل


وأمَّا المُتَعارِضُ، فمعرفتُه مُهِمَّةٌ عندَ أهلِ العِلْم، وبسببها تتفاوتُ العُلماء في دَرَجاتِهم، وسأذكرُ من ذلكَ جُمْلَةً نفيسةً إنْ شاءَ اللهُ تعَالى.
فأقول: التعارُضُ (١) على ثلاثةِ أقسامٍ:
الأول: تعارضُ العامِّ والخاصِّ، والمُطْلَقِ والمُقَيَّدِ، والمُجْمَلِ والمُبَيَّنِ (٢).
فهذا يُقضى فيه بالخاصِّ على العامِّ، والمُقَيَّدِ على المُطْلَقِ، والمُبَيَّن على المُجْمَل، ويُعْمَلُ بالدليلَينِ كما قَدَّمْتُ أمثلةَ ذلك، وفي الحقيقةِ ليسَ بِمُتعارضٍ، ولا بِمُخْتَلِفٍ (٣).
(١) التعارض اصطلاحاً: أن يقتضي أحد الدليلين حكمًا في واقعة خلاف ما يقتضيه دليل آخر فيها.
انظر: "البحر المحيط" للزركشي (٦/ ١٠٩)، و "إرشاد الفحول" للشوكاني (ص: ٢٧٣)، و "أصول الفقه" للخضري (ص: ٣٥٨)، و "أصول الفقه الإسلامي" لوهبة الزحيلي (٢/ ١١٧٣).
(٢) لا يمكن أن نحكم بأنَّ الدليلين متعارضان إلَّا بشروط:
أولها: التساوي في الثبوت، فلا تعارض بين الكتاب وخبر الواحد إلَّا من حيث الدلالة.
ثانيها: التساوي في القوة، فلا تعارض بين المتواتر والآحاد، بل المتواتر مقدَّم بالاتفاق.
ثالثها: الاتحاد في الموضوع والمحل والزمان.
انظر: "البحر المحيط" للزركشي (٦/ ١٠٩)، و "إرشاد الفحول" للشوكاني (ص: ٢٧٣)، و "أصول الفقه" لعبد الوهاب خَلَّاف (ص: ٢٣٠)، و "الوجيز في أصول الفقه الإسلامي" لمحمد الزحيلي (٢/ ٤٠٨).
(٣) وإنَّما ذلك فيما يظهر لمجتهد؛ لأنَّه لا تناقض في الشريعة، فمن المحال على الله =


الصفحة التالية
Icon