الأولُ: محمولٌ إذا شهدَ وصاحِبُ الحَقِّ لا يعلَمُ أنَّ لهُ شاهدًا، فإن الأَولى أن يشهدَ، وإن لم يُسْتشهَدْ؛ لِيَصِلَ المَشْهودُ له إلى حَقِّهِ.
والثاني: مَحْمولٌ عليهِ إذا عَلِمَ مَنْ لَهُ الحَقُّ أَنَّ له شاهِداً، فلا يجوزُ للشاهدِ أن يبدأَ بالشهادةِ قبلَ أن يستشهدَ؛ لما فيهِ منَ الحِرْصِ (١).
الثالثُ (٢): تَعارُضُ النَّصَّين: ومن ضرورةِ تعارُضِهِما ولوازمِه أنهُ لا يقعُ إلَّا في وَقْتَينِ؛ أحدُهما بعدَ الآخَر، وحُكْم ذلكَ أن يُنْسَخَ الأولُ بالثاني (٣). والنَّسْخُ واقعٌ في السُّنَّةِ (٤)، وفي القرآنِ المَجيدِ؛ خلافًا لأبي مُسْلِمٍ الأَصْفَهانِيِّ، ولا الْتِفاتَ إلى مقالتهِ، فلا يُشْتَغَلُ بالرَّدِّ عليهِ مع وُرودِ النَّصِّ بذلكَ في الكتاب العزيز، قال اللهُ تَعالى: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا﴾ [البقرة: ١٠٦].
* * *

= إلى أصحابي، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يجيء قوم يحلف أحدهم على اليمين قبل أن يستحلف عليها، ويشهد على الشهادة قبل أن يستشهد... ".
(١) انظر: "اللمع" للشيرازي (ص: ٣٤).
(٢) يعني: القسم الثالث من أقسام التعارض.
(٣) انظر: "الاستعداد لرتبة الاجتهاد" للمؤلف (١/ ٣٦٠).
(٤) انظر ذلك في: "اللمع" للشيرازي (ص: ١٢٠)، و"البرهان في أصول الفقه" للجويني (٢/ ١٣٠١)، و "الإحكام" للآمدي (٢/ ٣/ ١٢٧)، و"شرح مختصر الروضة" للطوفي (٢/ ٢٦٦)، و "نهاية السول" للإسنوي (١/ ٥٨٧)، و "الاستعداد لرتبة الاجتهاد" للمؤلف (٢/ ٧٧٦)، و "إرشاد الفحول" للشوكاني (ص: ١٨٥).


الصفحة التالية
Icon