وهوَ من أخبارِ الآحادِ، وهذا لا يستقيمُ إلَّا على قولِ من يقولُ: إن استقبالَ بيتِ المقدسِ كان بِقُرآنٍ.
وقال قوم: يجوزُ بالسُّنَّةِ المُتواتِرَةِ، دونَ الآحادِ، وهو قولُ الحنفيَّةِ والمالكيَّةِ؛ لأنَّ القرآنَ دليل قاطِعٌ، والمتواتِرُ كذلكَ، فاستَوَيا، وتعادَلا؛ بخِلافِ الآحاد.
وقالتِ الشافعيَّةُ: لا يجوزُ مُطْلقاً؛ لقول الله -تبَارك وتعالى-: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا﴾ [البقرة: ١٠٦]، والسُّنَّةُ ليستْ مثلَ القرآنِ؛ لأنَّ القرآنَ مُعْجزٌ، والسنةُ غيرُ معجزةٍ، والقرآنُ قديمٌ، والسنةُ حديثةٌ، ولقوله تعالى: ﴿قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ﴾ [يونس: ١٥].
الرابع: نسخُ القرآنِ بالإجماعِ: وهو غيرُ جائزٍ (١)؛ خلافًا لشذوذٍ من النَّاس (٢).
الخامس: نسخُ السُّنَّةِ بالقُرآنِ (٣): جوَّزَهُ الجُمْهورُ، ومنعَهُ الشافعيُّ

= سلمة وهم ركوع في صلاة الفجر، وقد صلوا ركعة، فنادى: ألا إن القبلة قد حوّلت، فمالوا كما هم نحو القبلة.
(١) انظر ذلك في: "اللمع" للشيرازي (ص: ١٢٩)، و "المحصول" للرازي (٣/ ٣٥٧)، و "الإحكام" للآمدي (٢/ ٣/ ١٧٤)، و "شرح مختصر الروضة" للطوفي (٢/ ٣٣١)، و "بيان المختصر" للأصفهاني (٢/ ٦٧٢)، و "البحر المحيط" للزركشي (٤/ ١٢٩)، و "الاستعداد لرتبة الاجتهاد" للمؤلف (٢/ ٧٩٠).
(٢) نسب هذا القول إلى بعض المعتزلة وعيسى بن أبان. انظر: "المحصول" للرازي (٣/ ٣٥٧)، و "الإحكام" للآمدي (٢/ ٣/ ١٧٤)، و "الاستعداد لرتبة الاجتهاد" للمؤلف (٢/ ٧٩٥).
(٣) انظر هذا المبحث في: =


الصفحة التالية
Icon