فَانْتَهُوا} [الحشر: ٧]، وقال -جَلَّ جَلالُهُ-: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ [الأحزاب: ٢١]، وقالَ -جَلَّ جَلالُهُ-: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ [النجم: ٣ - ٤].
وغَرَضي في كتابي هذا بيانُ أحكامِ السُّنَّةِ المُتَعَلِّقَةِ بالأحكامِ، وهي تنقسمُ إلى أفعالٍ وأقوالٍ وإقرارٍ منهُ - ﷺ -.
فأمَّا أقوالُه، فإنها تنقسمُ إلى جميعِ الأقسامِ الواردَةِ في كتابِ اللهِ -جَلَّ جَلالُهُ- من العُمومِ والخُصوصِ، والحَقيقَةِ والمَجازِ، وغيرِ ذلك؛ لاتِّحادِ طريقِ بيانِهما الذي هو الخِطاب.
ثُمَّ منها ما يكونُ بَياناً للكتابِ؛ مِنْ تخصيصِ عُمومِه، وتقييدِ مُطْلَقِهِ، وتبيينِ مُجْمَلِهِ، وتَكْميلِ سُنَّتِهِ وآدابِه، وغيرِ ذلك من الوجوه.
ومنها ما يكونُ اتِّباعاً لنصِّ الكتابِ من غيرِ زيادَةٍ.
ومنها ما يكونُ ابتداءً مِمّا لم يكنْ لهُ أصلٌ في الكِتاب (١)، ومنْ أهلِ العلمِ من خالفَ في هذا (٢).

(١) فهي إذن ثلاث حالات: إما أن تكون مؤكدة، وإما مبينة مفسِّرة، وأمَّا مشرعة منشئة.
انظر ذلك في "الرسالة" للإمام الشَّافعي (ص: ٩١)، و "البحر المحيط" للزركشي (٤/ ١٦٥)، و "الاستعداد لرتبة الاجتهاد" للمؤلف (٢/ ٨٢٠)، و "أصول الفقه" لخلاَّف (ص: ٣٩)، و "أصول الفقه الإسلامي" لوهبة الزحيلي (١/ ٤٦١)، و"الوجيز في أصول الفقه الإسلامي" لمحمد الزحيلي (١/ ٢٢١).
(٢) وقد نقل الإمام الشَّافعي - رحمه الله - هذا في "الرسالة" (ص: ٩٢) فقال: ومنهم من قال: لم يسن سنة قط إلا ولها أصل في الكتاب.
وقد سار على هذا الإمام الشاطبي في "الموافقات" (٢/ ٤/ ٦) فقال: فلا تجد في السنة أمراً إلَّا والقرآن قد دلَّ على معناه دلالةً إجماعية أو تفصيلية.


الصفحة التالية
Icon