وجميعُ الأقسامِ حَقٌّ مِنَ اللهِ -سُبْحانَهُ- منسوبٌ علمُها إلى الكتابِ (١) العزيز.
قال الشافعيُّ -رضيَ اللهُ عنه-: وليستْ تنزِلُ بأحدِ من أهلِ دينِ اللهِ نازِلَةٌ إلَّا وفي كتاب اللهِ الدَّليلُ على سَبيلِ الهُدى فيها، قالَ اللهُ -سبحانه وتَعالى -: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ [الحشر: ٧]، وذكرَ جملةَ من الآياتِ البَيِّناتِ (٢).
والشافعيُّ -رَحِمَهُ اللهُ تَعالى- أخذَ هذا مِمَّا رَوى عَلْقَمَةُ، عنْ عبدِ اللهِ -رَضِيَ اللهُ عنهُ- أنَّه قالَ: لَعَنَ اللهُ الواشِماتِ والمُسْتَوشِماتِ والمُتَفَلِّجات للحُسْنِ المُغَيِّراتِ لِخَلْقِ اللهِ، فبلغَ ذلك امرأةً من بني أَسَدِ يُقال لَها: أُمُّ يَعْقوبَ، فجاءَتْ فقالتَ: إنَّهُ قدْ بَلَغَني أنَّكَ لعنتَ كَيْتَ وكَيْتَ، فقال: وما لي لا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسولُ اللهِ - ﷺ -، ومَنْ هُو في كِتابِ اللهِ؟! فقالتْ: لقدْ قرأتُ ما بينَ اللَّوحَيْنِ، فما وَجَدْتُ فيهِ ما تقولُ، فقالَ: لَئِنْ كنتِ قَرَأْتِهِ، لَقَدْ وَجَدْتِهِ، أَمَا قَرَأْتِ: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ [الحشر: ٧]، قالت: بلى، فإنَّهُ قدْ نهى عنه (٣).
وأَمّا أفعالُه - ﷺ -، فإنَّها يقعُ بها جميعُ أَنواع البيانِ؛ منَ المُجْمَلِ، وتَخْصيصِ العُمومِ، وتقييدِ المُطْلَق، وتأويلِ الظّاهر، والنَّسْخِ، وغير ذلك (٤).
(٢) انظر كلامه هذا في: "الرسالة" (ص: ٢٠).
(٣) رواه البُخاريّ (٤٦٠٤)، كتاب: التفسير، باب: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ﴾، ومسلم (٢١٢٥)، كتاب: اللباس والزينة، باب: تحريم فعل الواصلة والمستوصلة.
(٤) انظر: "اللمع" للشيرازي (ص: ١٤٤)، و"المحصول" للرازي (٣/ ١٨٠)، =