الفصلُ الثالثُ في ترتيبِ بعضِها على بعضٍ
والسُّنَّةُ تنقسمُ إلى جميعِ الأقسامِ الواردةِ في الكِتاب؛ مِنَ الحقيقةِ والمَجاز، والعامِّ والخاصِّ، والمُجْمَلِ والمُبيَّنِ، والمُقَيَّدِ والمُطْلَقِ، والنّاسِخِ والمَنْسوخ.
فالمَجازُ مرتَّبٌ على الحقيقةِ، والعامُّ مرتَّبٌ على الخاصِّ، والمُجْمَلُ مرتَّبٌ على المُفَسَّرِ، والمُطْلَقُ مرتَّبٌ على المُقَيَّدِ، والمنسوخُ مرتَّبٌ على الناسخِ.
ولولا طَلَبي للاختصارِ وخَوفُ الإطالةِ، لَبيَّنْتُ جميعَ هذهِ الأقسامِ وغيرِها، ولكنْ فيما مضى من هذه المقدِّمَةِ كفايةٌ لذوي الاعْتبار والاسْتِبْصار.
* * *
الفصلُ الرابعُ تقديمُ بعضِها على بعضٍ
وذلك لا يكون إلَّا بعد تعذُّر الجَمْع بينها والعَمَلِ بجميعها (١)، وترتيبِ بعضِها على بعض، وذلكَ بأنْ يكونَ لفظُ الشَّيئينِ المتعارِضَيْنِ نَصًّا: بيِّناً، ولم يُعْلَمِ الناسخُ منهما، فحينئذِ يصيرُ المجتهِدُ إلى تقديمِ بعضِها على بعضٍ بوجه من وجوهِ الترجيح، وقد ذكرها أهلُ العلمِ بالنَّظَر والفَتْوى.
(١) "والعمل بجميعها" ليست في "ب".