والذي من قبلِ المتينِ مثل (١): أن يكونَ أحدُهُما نُطْقاً، والآخرُ دليلَ النطقِ (٢)، فالنطق أولى، أو أن (٣) يكونَ أحدُهما يجمعُ النطقَ والدليلَ، والآخرُ يختصُّ بأحدهما، فالجامعُ أولى؛ لأنَّه أَبْيَنُ، أو يكونَ أحدُهما موافقاً لدليلٍ من كتابٌ أو سنةٍ أو قياس، ويكونَ أحدهُما عملَ بِه الأئمةُ الأربعةُ وأهلُ الحرمينِ، ويكون أحدُهُما قولاً وفعلاً، والآخر أحدهما، فهو أولى، أو يكون قُصِد بأحدِهما الحكمُ، والآخرُ لم يقصدْ به، أو يكونَ أحدُهما وردَ على غيرِ سبب، فهو أولى ممَّا وردَ على سبب؛ لأنَّه مختلَفٌ في عمومِه، أو يكون أحدُهما (٤) مُثْبتاً أو ناقلاً من العادة إلى العبادة، أو يكونَ فيه احتياط، فيقدَّم على مقابلِهِ، والأصحُّ: أن الذي يقتضي الحَظْرَ مقدمٌ على الذي يقتضي الإباحة؛ لأنَّه أَحْوَطُ (٥).
"اللمع" للشيرازي (ص: ١٧٦)، و "المحصول" للرازي (٥/ ٤٢٨)، و"الإحكام" للآمدي (٢/ ٤/ ٢٥٩)، و "شرح مختصر الروضة" للطوفي (٣/ ٦٩٨)، و "البحر المحيط" للزركشي (٦/ ١٦٥)، و "الاستعداد لرتبة الاجتهاد" للمؤلف (٢/ ١١٠٧)، و "إرشاد الفحول" للشوكاني (ص: ٢٧٨).
(٢) المراد بدليل النطق هنا، هو مفهوم المخالفة، فإن المنطوق يقدم على المفهوم؛ لأنَّ المنطوق متَّفقٌ عليه، والمفهوم مختلف فيه، ودلالة المنطوق على الحكم، أقوى من دلالة المفهوم عليه.
انظر: "اللمع" للشيرازي (ص، ١٧٧)، و "المحصول" للرازي (٥/ ٤٣٣).
(٣) "أن" ليست في "ب".
(٤) "أحدهما" ليس في "ب".
(٥) إذا تعارض خبران، أحدهما يدل على الحظر، والآخر يدل على الإباحة: فقد ذهب أكثر العلماء إلى أن الحظر مقدم على الإباحة؛ لأنَّ اعتناء الشرع بدفع المفاسد أكثر من اعتنائه بجلب المصالح، وذهب عيسى بن أبان وأبو هاشم إلى التساوي والتساقط.=