الخِطابِ، أو في خطاب آخَرَ، أو وُجدَ إجماعٌ من عامَّةِ أهلِ العلمِ على أنَّ عِلَّةَ الحُكْمِ كَذا، أَلْحَقْتُمْ بذلكَ الحُكمِ الحادثةَ التي لم يُنَصَّ على حُكْمِها، وإن لم تجدوا شيئاً من ذلك، فاستدلُوا على إدراكِ المعنى الذي حكمَ الله سُبحانَه ورسولُهُ - ﷺ - لأجله.
والدلالةُ عليهِ من وجوهٍ:
منها: أن يذكرَ اللهُ سبحَانهُ عندَ ذكر الحُكْمٍ صفةً لا يفيدُ ذكرُها غيرَ التعليلِ؛ كقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ﴾ [المائدة: ٩١]، وكقوله - ﷺ - في الهرة: "إنَّها من الطَوّافين عليكم (١) والطَّوّافات" (٢).
ومنها: أن يكونَ الحكمُ في عَيْنٍ، ويذكرَ من صفتِها ما يميزُها عن سائر صِفاتها، فيغلبُ على الظن أن تلكَ الصفةَ علَّةُ الحُكْم ومعناه. فقدْ تكونُ نفسُ الصفةِ علَّةَ الحكمِ، كقوله تعالى: ﴿وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ [الطلاق: ٦].
وقد تكونُ الصفةُ (٣) مشتملةً على العِلَّةِ؛ كقوله - ﷺ -: "من باعَ نَخْلاً بعدَ أَنْ يُؤَبَّرَ فثمرتُها للبائعِ، إلَّا أنْ يشترطَها المُبْتاع" (٤)، فالتأبيرُ الذي هو يشتمل
(٢) رواه أبو داود (٧٥)، كتاب: الطهارة، باب: سؤر الهرة، والنسائي (٦٨)، كتاب: الطهارة، باب: سؤر الهرة، والترمذي (٩٢)، كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في سؤر الهرة، وابن ماجه (٣٦٧)، كتاب: الطهارة، باب: الوضوء بسؤر الهرة، والرخصة في ذلك، من حديث أبي قتادة، وتمامه: "إنها ليست بنجس، إنها من الطوافين... ".
(٣) "الصفة" ليس في "ب".
(٤) تقدم تخريجه.