والمُتواطِئَةَ، همُ الذين رَوَوْا عنهمْ تَسمية المُتَضادَّةِ باسمٍ واحد، وهم الواسطةُ بينَنا وبينَ العرب (١).
وحكمُ هذا النَّوع أن يُحْمَلَ على ما يَقتضيهِ اللفظُ:
فإن كانَ اللفظُ يقتضي التَّخْصيص؛ حُمِلَ عليه؛ كما إذا قال: أَعْطِني بَيْضَةَ الحَرْبِ، أو عَيْناً أَشتري بها مَتاعاً، أو الجَوْنَ الأبيضَ.
وإن كانَ اللفظُ يقَتضي العُمومَ والإطْلاَق؛ كما لو قالَ لعبدِهِ: أَعْطِني البَيْضَةَ، وأَعْطِني العَيْنَ، وأَعْطِني الجونَ، حُمِل عليهِ عِنْدَ الشافِعيِّ -رحمهُ اللهُ تَعالى- وعِدَّةٍ يسيرة منَ الأُصولِيِّين (٢)، والجمهورُ على خلافِهِ.
فلا يصيرُ العبدُ مُمْتَثِلاً عندَهُ إِلاّ إذا أتى بجميع ما يقعُ عليه اسمُ البَيْضَةِ، وبِجميعِ ما يقعُ عليهِ اسمُ العَيْنِ والجَوْنِ، والدليلُ عليهِ أنَّ الحَمْلَ على الجَميع غيرُ مُسْتَحيلٍ، واللَّفْظُ يصلُح لهُ، فَحُمِلَ عليه بِمُقْتَضى اللُّغَةِ.
نَعَمْ إذا دَلَّ العقلُ أو الشرعُ على أنَّ المرادَ بهِ شيءٌ بعَيْنِهِ، ولم نَتَبَيَّنْهُ في اللفظِ؛ كقولِهِ -تعالى-: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾ [البقرة: ٢٢٨]، وقد دلَّ الدليلُ على أن المرادَ واحدٌ بعينه، إمّا الحَيْضُ، أو الطُّهْرُ،
"المحصول" للرازي (١/ ٢٦١)، و"الإحكام" للآمدي (١/ ٤١)، و"بيان المختصر" للأصفهاني (١/ ١٢٤)، و"البحر المحيط" للزركشي (٢/ ١٢٢)، و"المحلي مع حاشية البناني" (١/ ٢٩٢)، و"إرشاد الفحول" للشوكاني (ص: ١٩).
(٢) قد وافق الإمام الشافعيَّ على حمل المشترك على جميع معانيه: الباقلانيُّ، والجُبَّائيُّ، وعبد الجبار، وابن الحاجب، والبيضاوي، وغيرهم، ونُقل عن الإمام مالك.
انظر: "الإحكام" للآمدي (١/ ٢/ ٢٦١)، و"نهاية السول" للإسنوي (١/ ٢٦١)، و"سلاسل الذهب" للزركشي (ص: ١٧٥).