فادَّعى كلُّ فريق أن الجواب له، وعدَّ أهلُ الفضلِ ذلكَ من بَديعِ الأجوبةِ، ومن أحسنِ المَقَاصدِ (١).
ومثله قولُ الشاعر (٢) في عَمْرٍو الأعورِ: [من مجزوء الرمل]

خَاطَ لِيْ عَمْرٌو قَبَاءْ (٣) لَيْتَ عَيْنَيهِ سَوَاءْ
وَحَدُّهُ: الكلامُ الذي لا يَسْتَقِلُّ بنفسِه في الكَشْفِ عن المُرادِ، وإنما يكشفُهُ ويُبَيِّنُهُ غيرُهُ (٤).
وهوَ -أيضاً-: اسمٌ لأشياءَ مجتمعةِ الأُصولِ، مُتَّسِعَةِ الفُروعِ، وذلك على وجوه:
أحدها: أن تُحذفَ القِصَّة أو بعضُها، معَ الإشارة إليها، فيتوقفُ فَهْمُ الكلامِ على معرفةِ القِصَّةِ (٥)، وذلك كثيرٌ في الكتابِ والسنَّةِ، وبيان هذا المُشْكِلِ يكونُ بذكرِ القِصَّةِ واستيفائِها.
ثانيها: أن يذكرَ المتكلمُ شيئاً مَجْهولاً عندَ السامع لا يعرفُ كيفيتَهُ ومَعْناه.
وذلك كالصلاةِ والزكاةِ عندَ العربِ في قوله تعالى: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ [البقرة: ٤٣].
(١) انظر الحكاية في: "تذكرة الحفاظ" للذهبي (٤/ ١٣٤٥).
(٢) هو بشار بن برد. انظر: "مقدمة ديوانه" (ص: ١٤).
(٣) قباء: بفتح القاف: من الثياب، جمعه أقبية، يقال: قبَّى ثوبه: قطع منه قباءً. وتقبَّى قباءه: لبسه. "اللسان" (مادة: قبو)، (١٥/ ١٦٨).
(٤) انظر: "المحصول" للرازي (٣/ ١٥٣)، و"الإحكام" للآمدي (٢/ ٣/ ١١)، و"بيان المختصر" للأصفهاني (٢/ ٥٩١)، و"البحر المحيط" للزركشي (٣/ ٤٥٤)، و"المحلي مع حاشية البناني" (٢/ ٥٨).
(٥) في "ب" زيادة: "واستيفائها".


الصفحة التالية
Icon