عليه حُكْماً، ولا يُدْرَى هل المُرادُ بالحكم أدنى دَرَجاتِه أو أَقْصاها.
وذلكَ كقولِ اللهِ تعالى: ﴿فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ﴾ [البقرة: ١٩٦]، والرجوعُ (١) شيءٌ معلومٌ، ولهُ بِدايةٌ ونِهاية، ولم يُعْقَل من اللفظ أن المرادَ بالرجوعِ ابتداؤه أو انتهاؤه.
ومثل ما قد عُلِمَ الفَرْقُ بين قليله وكثيرِهِ، وعُلِّقَ الحكمُ بأحدِهما، ولكن لا يعلم ما حدُّ ذلكَ القليلِ والكثيرِ.
وبيانُ هذا النوعِ والنوعِ الذي قبلَه أن يُصارَ فيه إلى حدِّ شيءٍ من أنواع الدّلالة:
١ - إمَّا بأن يوجَدَ فيه قولٌ أو فعل من النبيِّ -صَلَّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسَلَّم-.
٢ - أو قولٌ أو فعلٌ من الصَّحابة -رضيَ اللهُ عنهمْ-، أو قولُ واحدٍ لا يُعلَمُ له مخالفٌ، ولو قلْنا: إنه ليسَ بحجَّةٍ على القولِ الجديدِ للشافعيِّ رضيَ اللهُ تَعالى عنه.
٣ - أو اعتبارِه ببعضِ الأُصول التي قد ثبتَتْ فيها التقديراتُ والحدودُ إذا لم يوجَدْ شيءٌ يُردّ إليه أدلّ منه، وإن خرجَ ذلكَ عنْ تحقيقِ القياسِ؛ لأن التقريبَ والإعمالَ خيرٌ من التَّعْطيِل والإهمال.
٤ - وإن لم يوجد في الأصول ما يُرْجَعُ إليه، رُجِع في بيانه إلى النظر فيما قُصِدَ له ذلك الشيءُ، فما أدَّى إلى إسقاطِ المعنى المقصودِ تُرك، وما لمْ يُسْقِطْه، اعتُبر.
٥ - وإن لم يوجدْ بيانُه فيما قصد له من ذلك القصد، رُجِع (٢) في بيانِه إلى ضَرْبٍ من التقريبِ مِمَّا يُعْقَل ويُعْرَف.

(١) في "ب" زيادة: "وذلك الرجوع".
(٢) "رجع" ليس في "ب".


الصفحة التالية
Icon