واختلفَ علماؤنا في مسائلَ:
الأولى: الأسماءُ الإسلاميةُ؛ كالصَّلاة والزكاةِ والصَّوْمِ والحَجِّ، والمُؤْمِنِ والفاسِقِ.
فقالَ بعضُهُمْ: هيَ بَيّنَةٌ، وقال بَعْضُهُمْ: هي مُشْكِلَةٌ؛ لأنَّهُمْ لم يكونوا يَعْرِفونها (١).
والحَقُّ أَنَّها مُشْكِلَةٌ عندَ مصادَمَةِ الخِطابِ الأَوَّلِ لأهلِ الزَّمَنِ الأَوَّلِ، بَيِّنَةٌ في الزمنِ الأخيرِ عندَ استقرارِ بَيانِ الشرعِ.
ثانيها: قوله -تعالى-: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة: ٢٧٥]، والربا في لسانِهم هو الزيادَةُ (٢).
وقالَ بعضُ أهلِ العلمِ: الآية بَيِّنَةٌ، وليستْ مُشْكِلَةً؛ لأن البيعَ مَعقولٌ في اللغةِ، فيُحْمَلُ على كلِّ ما يصلُحُ لهُ، ولا يُتْرَكُ بعضُه إلَّا بدليلٍ يدلُّ على أَنُّه رِبًا، أو مَنْهِيٌّ عنه.
وقالَ بعضُهم: هي مُجْمَلَةٌ؛ لأن اللهَ -تَعالى- أحلَّ البيعَ وحَرَّمَ الرِّبا، والرِّبا هو الزيادَةُ، وما من بيعٍ إلا وفيه زِيادَةٌ، فافتقَر إلى بيانِ ما يَحِلُّ منها مِمّا يَحْرُمُ (٣).
والذي أراه الصوابَ -إن شاءَ الله تعالى- أَنَّ لفظَ البيعِ غيرُ مُشْكِلٍ؛ فإنه

(١) انظر: "اللمع" للشيرازي (ص: ١١٣)، و "المستصفى" للغزالي (٢/ ٣٤)، و "مفتاح الأصول" للتلمساني (ص: ٩٢)، و"إرشاد الفحول" للشوكاني (ص: ١٧٢).
(٢) في "ب": "والربا: هو الزيادة في لسانهم".
(٣) انظر ذلك في: "اللمع" للشيرازي (ص: ١١٣)، و"البرهان" للجويني (١/ ٤٢١)، و"المسوَّدة" لآل تيمية (١/ ٣٨٦)، و"كشف الأسرار" لعبد العزيز البخاري (١/ ٨٦)، و "البحر المحيط" للزركشي (٣/ ٤٦٠).


الصفحة التالية
Icon