وقال آخر (١): [من الطويل]
وَوَجْهٌ كمرآةِ الغَريبة أَسجح
فَقَيَّدَ المِرْآة بالغريبةِ؛ لأن مِرْآتها أصفى وأنقى من غيرها؛ لضرورتها إليها حتى تُرِيَها ما تحتاجُ إليه؛ إِذْ ليسَ للغريبةِ منْ يتفقدُ مساوِئَهَا (٢).
وحكمه: أنه متى وردَ اللفظُ في كتابِ الله مُقَيداً، فهو على تقييده إلَّا أن يَدُلَّ دليلٌ على التسوية بينهُ وبين ما قُيدَ منهُ، وإذا وردَ مُطْلَقاً، فإنْ وُجِدَ دليل يقيدُه، وجبَ تقييدُه، وإلَّا فهو على إِطْلاقِهِ، وما جازَ أن يُخَصَّ بِه العامُّ، جازَ أن يُقَيَّدَ بهِ المُطْلَقُ (٣).
لكنْ بقيَ هنا نوعٌ آخَرُ من التَّخْصيص، ويعبَّرُ عنهُ عندَ الأُصوليين (٤) بـ "حَمْل المُطْلَقِ على المُقَيَّدِ"، وهو في الحقيقَةِ غيرُ القِياس.
وحكمُهُ: أنه إذا وردَ أحدُ اللَّفْظَيْنِ مُطْلَقاً؛ والآخرُ مُقَيَّداً، نُظِرَ فيهِ:
فإنْ كانَ الحُكْمُ مُختلِفًا، لم يُحْمَلْ أحدُهما على الآخَرِ، مثلُ إيجابِ اللهِ -تعالى- غَسْلَ الأعضاءِ (٥) الأربعةِ في الوُضوءِ، وتركِهِ لذكرِ الرأسِ والرِّجْلَيْنِ في التَّيَمُمِ، فلا يُحْمَلُ أحدُهما على الآخَرِ (٦).
لها أذن حشر وذفرى أسيلة | وخد كمرآة الغريبة أسجح |
(٣) انظر: "الإحكام" للآمدي (٢/ ٣/ ٦)، و"بيان المختصر" للأصفهاني (٢/ ٥٨٧)، و"المحلي مع حاشية البناني" (٢/ ٤٨)، و"إرشاد الفحول" للشوكاني (ص: ١٦٧).
(٤) في "ب": "عنه الأصوليون".
(٥) "الأعضاء" ليست في "أ".
(٦) وهو متفق عليه بين العلماء. انظر: "المحصول" للرازي (٣/ ١٤١)، و"الإحكام" =