"في سائِمَةِ الغَنَمِ زكاةٌ" (١)، فهذا نظرَ فيه الناظرُ، ونظرَ في سائرِ الأموالِ الزَّكاتِيَّةِ، وجدَ الزكاةَ قد عُفي عنها فيما اتُّخذَ للبَذْلَةِ وللعَمَلِ، ولم يكنْ للتَّنْمِيَةِ، عَلِمَ بذلكَ أن ذكرَ السوم شرطٌ؛ لأنَّ المعلوفَةَ يُحْبِطُ علفُها نماءَها.
ومثله أيضًا: قوله - ﷺ -: "أيُّما رَجُلٍ باعَ نَخْلا قَدْ أبّرَتْ، فَثَمَرَتُها للبائِعِ، إلا أنْ يَشْتَرِطَ المُبْتاعُ" (٢)، فإذا نَظَرَ الناظِرُ، وَوَجَدَ الَّذي لم يُؤَبَّرْ مُسْتكنًّا غيرَ ظاهرٍ، فهو كالجَنينِ في بَطْنِ الجاريةِ، والَّذي أُبِّر غيرُ مُسْتكنٍّ، فهو كظهورِ الجنينِ بالوِلادة، فعلمَ أن الإبّارَ حَدٌّ (٣)، وأن الذي لم يُؤَبَّرْ يدخلُ في المبيع (٤).

(١) قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (٢/ ١٥٧): "قال ابن الصلاح: أحسب أن قول الفقهاء والأصوليين: "في سائمة الغنم زكاة" اختصار منهم".
وقد ذكر في "الإصابة" (٢/ ٥٦): أن ابن قانع رواه في "مسنده" عن حريث العذري هكذا.
قال ابن الملقن في "خلاصة البدر المنير" (١/ ٢٩١): "لا أعرفه هكذا، نعم معناه موجود في حديث أنس: "وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين... ".
قلت: وما أشار إليه ابن الملقن قد رواه البخاري (١٣٨٦)، كتاب: الزكاة، باب: زكاة الغنم، في حديث أنس الطويل.
(٢) رواه البخاري (٢٠٩٠)، كتاب: البيوع، باب: من باع نخلاً قد أُبِّرت، أو أرضًا مزروعة، أو بإجارة، ومسلم (١٥٤٣)، كتاب: البيوع، باب: من باع نخلًا عليه ثمر، عن عبد الله بن عمر بلفظ: "من باع نخلًا قد أبرت، فثمرتها للبائع... ".
يقال: أبو النخل وأبَّره: إذا لقحه. انظر: "أساس البلاغة" (ص: ٩)، و"النهاية في غريب الحديث" (١/ ١٣)، و"لسان العرب" (٤/ ٤) (مادة: أبر).
(٣) في "أ": "الأبار جذ".
(٤) في "ب": "البيع".


الصفحة التالية
Icon