والصحيحُ عندَ الجُمهورِ أنهُ على الوجوبِ.
والدليلُ عليهِ قولُ اللْهِ - عَز وجَل-: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ﴾ [النور: ٦٣]، وقولُ النبيّ - ﷺ -: "لَوْلا أَنْ أَشُق عَلَى أمتي لأَمَرتُهُمْ بالسّواكِ عِنْدَ كُلّ صلاةٍ" (١)، وما أشبَهَهُ من الأخبار.
والواجبُ على الناظر إذا ورد الأمرُ أن يَنْظُرَ، فإنْ وجدَ معَهُ شيئًا يَدُلُّ على الحَتْمِ، حَمَلهُ عليهِ، وإن وجد ما يَدُلُّ على النَّدْبِ أو غيرهِ، حَمَلَهُ عليه، وإلا حَمَلَهُ على الوُجوب.
وكُلُّ ما جاز أن يُسْتَدَلَّ بهِ على تَخْصيصِ العامِّ، جازَ أن يُسْتَدَلَّ بهِ على أنَّ الأمرَ ليسَ على الوُجوب.
* الثانية: إذا وردَ لفظُ الأمرِ، وفي الصيغةِ ما يدلُّ على التكْرارِ، حُمِلَ على التّكْرار، وإنْ كانَ مُجَرَّداً، ففيهِ خلاف بينَهُمْ:
فَمِنْهُمْ مَنْ قالَ: يجبُ التكرارُ على حَسَبِ الطاقةِ؛ لقوله - ﷺ -: "إذا أَمَرْتكمْ بأَمْرٍ فَأتوا مِنْهُ ما استَطَعْتُمْ" (٢)، وهذا داخِل في الاستِطاعَة.

= انظر: "المستصفى" للغزالي (٢/ ٧٠)، و"شرح تنقيح الفصول" للقرافي (ص: ١٢٧)، و "الاستعداد لرتبة الاجتهاد" للمؤلف (١/ ٤٤٨)، و "غاية الوصول" لزكريا الأنصاري (ص: ٦٤)، و "إرشاد الفحول" للشوكاني (ص: ٩٤).
(١) رواه البخاري (٨٤٧)، كتاب: الجمعة، باب: السواك يوم الجمعة، ومسلم (٢٥٢)، كتاب: الطهارة، باب: السواك، عن أبي هريرة، وهذا لفظ مسلم.
قال القرافي في "شرح تنقيح الفصول" (ص: ١٢٧): لفظة "لولا" تفيد انتفاء الأمر لوجود المشقة، والندب في السواك ثابت، فدل على أن الأمر لا يصدق على الندب، بل ما فيه مشقة، وذلك إنما يتحقق في الوجوب.
انظر: "اللمع" للشيرازي (ص: ٤٨)، و"إرشاد الفحول" للشوكاني (ص: ٩٦).
(٢) رواه البخاري (٦٨٥٨)، كتاب: الاعتصام بالكتاب والسنة، باب: الاقتداء بسنن =


الصفحة التالية
Icon