ومنهمْ من قال: لا يَجِبُ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّة واحِدَة؛ لأنهُ مُقْتَضى لَفْظِ الأَمْر (١).
* الثالثةُ: الأَمْرُ هَلْ تقتَضي الفِعْلَ على الفَوْرِ، أوْ لا؟
إنْ قُلْنا: إنَّ الأمرَ يَقْتَضي وجوبَ (٢) التكرارَ على حَسَبِ الاستِطاعَةِ، وجَبَ الفِعْلُ على الفَوْرِ؛ لأنَّ الحالة الأُولى داخلةٌ في الاستِطاعة، فلا يجوزُ إِخْلاؤها من الفِعْلِ (٣).
وإنْ قُلْنا: إن الفعلَ يَقْتَضي مَرَّةً واحِدَة، فَهَلْ يَقْتضي الفَوْرَ؟ فيهِ مذهبان (٤).

= رسول الله - ﷺ -، ومسلم (١٣٣٧)، كتاب: الحج، باب: توقيره - ﷺ - وترك إكثار سؤاله مما لا ضرورة إليه، عن أبي هريرة، وهذا لفظ البخاري.
(١) الأصح في ذلك أن يقال: إن الأمر الخالي عن قرينة المرة أو التكرار إنما هو لطلب الماهية، فلا يدل على مرة ولا على تكرار، إلا أن المرة ضرورية؛ لأن الماهية لا توجد إلا بها، والله أعلم.
انظر "اللمع" للشيرازي (ص: ٤٩)، و "المستصفى" للغزالي (٢/ ٨٢)، و"شرح تنقيح الفصول" للقرافي (ص: ١٣١)، و"الإبهاج" للسبكي (١/ ٢/ ٥٣)، و"الاستعداد لرتبة الاجتهاد" للمؤلف (١/ ٥٤٢)، و"غاية الوصول" لزكريا الأنصاري (ص: ٦٥)، و"إرشاد الفحول" للشوكاني (ص: ٩٧).
(٢) "وجوب" زيادة من "ب".
(٣) وهذا مذهب القائلين بأن الأمر يقتضي التكرار، وهو لازم لهم، أعني: اقتضاء الفورية، لاستغراق الأوقات بالفعل المأمور به.
(٤) تفصيل المسألة: إن الذين قالوا بأن الأمر يفيد التكرار، قالوا بأنه يفيد الفور؛ لأن ذلك لازم عن قولهم، أما الذين لم يقولوا أنه للتكرار اختلفوا على مذاهب: الأول: لا يدل على فور ولا على تراخٍ.
الثاني: يدل على التراخي.
الثالث: أنه للفور.=


الصفحة التالية
Icon