* ولا خلافَ في تناولِ العمومِ للمرأة الحرَّة (١)، وإنما اختلفوا في حقيقةِ استطاعتها.
- فجعل مالكٌ والشافعيُّ -في أحد قوليه- استطاعَتَها كاستطاعة الرجل، فيجب عليها الحجُّ إذا وجدت رُفْقَةً تأمنُ معها على نفسها (٢).
- وشرطَ أبو حنيفةَ وأحمدُ للوجوب مصاحبةَ زَوْجٍ أو مَحْرَمٍ (٣)، واحتجوا بما رويناه في "صحيح البخاري" من قوله - ﷺ -: "لا يحلُّ لامرأةٍ تؤمنُ بالله واليومِ الآخِرِ أنْ تسافرَ مسيرةَ يومٍ إلا مع ذي مَحْرَمٍ" (٤).
ويظهر ترجيحُ قولِ مالكٍ وصاحبه؛ لأن الدليلين إذا تعارضا، وكان كلُّ واحد منهما عامًّا من وجه، وخاصّا من وجه، وأمكن أن يخصَّ بكل واحد منهما عمومُ الآخر، كان الحكم للدليل الخارجي.
وبيان ذلك أن قوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ﴾ عامٌّ في الرجال والنساء،
(١) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (١٣/ ٣٦٨)، و"أحكام القرآن" لابن العربي (١/ ٣٧٦)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٢/ ٢/ ١٣٧).
(٢) وهو مذهب عائشة رضي الله عنها. وهو قول ابن سيرين والأوزاعي. انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (١٣/ ٣٦٨)، و"بداية المجتهد" لابن رشد (٢/ ٦٢٨)، و"المجموع" للنووي (٧/ ٦٨)، و"حاشية الدسوقي" (٢/ ١٣).
(٣) وهو قول الحسن والنخعي وإسحاق وأبي ثور وابن المنذر. انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (١٣/ ٣٦٩)، و"بداية المجتهد" لابن رشد (٢/ ٦٢٨)، و"أحكام القرآن" للجصاص (٢/ ٣٠٨)، و"المغني" لابن قدامة (٥/ ٣٠)، و "بدائع الصنائع" للكاساني (٢/ ٢٩٩).
(٤) رواه البخاري (١٠٣٨)، كتاب: تقصير الصلاة، باب: في كم يقصر الصلاة؟ ومسلم (١٣٣٩)، كتاب: الحج، باب: سفر المرأة مع محرم إلى حج وغيره، عن أبي هريرة، وهذا لفظ مسلم.