- فذهب المالكية إلى وجوبِها على النبيِّ -- وعلى غيرِه من الوُلاة، قال ابن عطيةَ منهم: والشورى من قواعدِ الشريعةِ وعزائمِ الأحكام، ومن لا يستشيرُ أهلَ الدين والعلمِ فعزلُه واجبٌ (١). وعن (٢) ابن خُويزمِنْداد مثلُه (٣)، وذهبت الشافعيةُ إلى استحبابه في حَقِّ الوُلاة (٤).
وأَمّا في حَقِّ النبيِّ - ﷺ -؛ فقيلَ بوجوبها؛ حَمْلًا لمطلقِ الأمر على ظاهره، ولما في تخصيصِه - ﷺ - بالوجوب مِنْ رَفْعِ درجته، وتكثيرِ ثوابه، وتكريمِه، وهو الصحيح عند الشافعية.
وقيل باستحبابها قياسًا على الأُمة، والأمرُ محمولٌ على الاستحباب (٥)، ونُقل هذا عن نص الشافعي- رحمه الله تعالى (٦).

(١) انظر: "المحرر الوجيز" لابن عطية (٣/ ٣٩٧).
(٢) في "ب": "وقال".
(٣) نقله عنه القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (٢/ ٢/ ٢٣٥).
(٤) للعلماء في حكم الشورى من حيث هي قولان: الأول: الوجوب، وقال به ابن خويز منداد والرازي وابن عطية والنووي.
الثاني: الندب، وبه قال قتادة والربيع وإسحاق وهو قول الشافعي.
وقال الحافظ في "الفتح" (١٣/ ٣٤١): واختلفوا في وجوبها: فنقل البيهقي في "المعرفة" الاستحباب، وبه جزم القشيري في "تفسيره".
وانظر: "تفسير الرازي" (٥/ ١/ ٧٠)، و "أحكام القرآن" للجصاص (٢/ ٣٢٩)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٢/ ٢/ ٢٣٥).
(٥) أما حكم الشورى في حق النبي - ﷺ -: فذكر الرازي وابن كثير فيها قولين: الوجوب والندب، ونسب الرازي إلى الشافعي الندبَ.
انظر: "تفسير الرازي" (٥/ ١/ ٧)، و "تفسير ابن كثير" (٢/ ١٤٢).
وقال النووي في "شرح مسلم" (٤/ ٧٦): واختلف أصحابنا هل كانت الشورى واجبة على رسول الله - ﷺ - أم كانت سنة في حقه كما في حقنا، والصحيح عندهم وجوبها. وهو المختار.
(٦) قال الإمام الشافعي في "الأم" (٦/ ٢١٩): أحب للقاضي أن يشاور، ولا يشاور =


الصفحة التالية
Icon