(من أحكام اليتامي)
٦٠ - (١) قوله جَلَّ جلالُه: ﴿وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا﴾ [النساء: ٢].
أقول:
* لمَّا علم اللهُ جلَّ جلالُه ضعفَ اليتامى وعجزَهُمْ عن دفعِ بأس الظالمين لهم، نهى العبادَ عن أخذ أموالهم، وتواعدَ على ذلك بما لم يتواعدْ به على غيره، فجعل آكلَها إنما يأكلُ نارًا، فقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا﴾ [النساء: ١٠].
وسماها في هذه الآية (خبيثة)؛ لتنفر القلوبُ عن تناولها؛ استقذارًا لها من (١) خبثها، ولا ينبغي أن يُحمل الطَّيِّبُ والخبيثُ على حقيقتهما؛ إذ لو حمل على ذلك، لكان قد زادهم خيرًا حين أخذ الزيف بالجيد، والمهزولَ بالسمين، ولَكَان معارضًا لقوله تعالى: ﴿إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ (٢) [الإسراء: ٣٤].
(٢) أي: لو حمل الخبيث على حقيقته، والطيب على حقيقته، فيكون مال اليتيم خبيثًا ومال الوصي طيبًا، فإذا بدَّله، فيكون قد أخذ الخبيث الزيف والهزيل له، وترك لليتيم الطيب الجيد السمين، وفي هذا زيادة خيرٍ لليتامى، فكيف ينهى عنه، ثم هو معاملة بالحسنى، فيكون معارضًا لقوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾، والله أعلم.