والمعنى (١) -والله أعلم-: ولا تتبدلوا الخبيث الحرام، الذي ترونه بزعمكم طيبًا سمينًا، بالطيب الحلال من أموالكم، الذي ترونه بزعمكم رديئًا مهزولًا (٢).
* وأمر بإيتائهم أموالهم:
وذلك يقع على حقيقة الإيتاء؛ ببذل مُؤَنِهم، والإنفاقِ عليهم.
ويقع على الإيتاء الذي هو الحِفْظُ مجازًا؛ فإنه إذا حَفِظَ أموالَهم حقَّ حفظِها، فكأنه قد آتاها أربابَها.
ولا يجوز أن يُحمل على حقيقةِ دفعِ جُمْلَةِ المال إليهم؛ فإن الله سبحانه لم يأمرْ به إلا عند بلوغِ النكاح، وإيناسِ الرُّشْد.
نعم يجوز أن يرادَ بهِ حقيقةُ الإيتاءِ والدفعِ، ويكونُ إطلاقُ اليتامى على البالغين مجازًا من باب تسميةِ الشيء بما كان عليه؛ كقوله تعالى: ﴿فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا﴾ (٣) [طه: ٧٠]، وهذا أولى؛ لأنه سبب الآية، في قول الكلبي ومقاتل (٤).
* ثم من لُطْفِ الله تعالى بهم (٥) أن أباحَ مخالطَتَهم ومبايعتَهم، فقال
(٢) انظر: "معالم التنزيل" للبغوي (١/ ٥٦٢)، و"أحكام القرآن" للجصاص (٢/ ٣٤١)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٣/ ١/ ١٠).
(٣) انظر: "معالم التنزيل" للبغوي (١/ ٥٦٢)، و "زاد المسير" لابن الجوزي (٣/ ٧٩)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٣/ ١/ ١٠).
وقال الجصاص في "أحكام القرآن" (٢/ ٣٣٨): أطلق عليهم اسم الأيتام؛ لقرب عهدهم باليتيم.
(٤) انظر: "أسباب النزول" للواحدي (ص: ١٣٦)، و "زاد المسير" لابن الجوزي (٣/ ٧٩).
(٥) في "ب": "لطفه بهم تعالى".