أحدها: أن يكون بمعنى (إلى): ولا تأكلوا أموالهم مقترضين لها إلى حصول أموالكم؛ فإنه ليس قُرْبا بالتي هي أحسن؛ لفوات تنميتِها وتثميرها.
ثانيها: أن تكون بمعنى (في)؛ فإنه إذا خلطَ (١) بمالِه مُفْسِدًا، كان الجميعُ حرامًا، وشاهد هذا المعنى قولُ النابغة: [البحر الطويل]

فلا تَتْرُكَنِّي بالوَعيدِ كَأَنَّنِي إلى الناسِ مَطْلِيٌّ بهِ القارُ أَجْرَبُ (٢)
ثالثها: وهو أرجحُها، أن تكون بمعنى (إلى)، ويكون المعنى: ولا تأكلوا أموالهم ضامِّين لها إلى أموالكم؛ لأنهم إذا أكلوها، فقد ضمُّوها إلى أموالهم التي يأكلونها (٣).
* ﴿إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا﴾؛ أي: إثمًا (٤)، وقيل: ظلمًا كبيرًا (٥).
* * *
٦١ - (٢) قوله تعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا (٣)﴾ [النساء: ٣].
روينا في "صحيح البخاري" عن عروةَ بنِ الزبير: أنه سألَ عائشةَ-
(١) في "ب": زيادة "ماله".
(٢) تقدم ذكر البيت وتخريجه.
(٣) انظر معاني "إلى" في الآية في: "تفسير الرازي" (٥/ ١/ ١٧٧)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٣/ ١/ ١١)، و"المحرر الوجيز" لابن عطية (٣/ ٤٨٧)، و ""البحر المحيط" لأبي حيان (٣/ ٥٠٢).
(٤) وهو قول ابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة وغيرهم. انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (٢/ ٣٤١)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٣/ ١/ ١١)، و"المحرر الوجيز" لابن عطية (٣/ ٤٨٨)، و "تفسير ابن كثير" (٢/ ١٩٨).
(٥) ورواه الطبري في "تفسيره" (٣/ ٢٣١) عن قتادة.


الصفحة التالية
Icon